مرت علينا الجمعة الماضية ال15من فبراير 2019م....ذكرى رحيل شاعر الوطن اليمني....ذاكرة الوطن والغناء...الشاعر أحمد سيف ثابت ورغم غيابه عن الدنيا لعقدي من الزمن لم تبرح أغانيه وأشعاره النابعة من وجدان الانسان اليمني ومن ذاكرته الشعبية والوطنية. أحمد سيف ثابت من الشعراء الذين تغنوا بالوطن ورسموا بالشعر خارطة الوطن كبيرة وعريضة وموحدة ، لم يعترف بالحدود في زمن الحدود والحواجز في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، وشاهد بأم عينيه ماكتبه في شعره يتحقق بعد أن كان صعب المنال.
كان أبا عصام أحد فرسان الحرف والكلمة المتسمة بالصدق والعفوية الوطنية الشعبية التي لاتضاهي بأحد ويعتبر من رواد الشعر الشعبي ومن مؤسسي أتحاد الادباء والكتاب اليمنيين الذي ساهم وشارك في مؤتمره التأسيسي عام1974م.
وهو من الشعراء القلائل الذين حظوا بأقبال من الفنانين لتقديم أغنياته أبرزهم محمد محسن العطروش وسعودي احمد صالح أطال الله بأعمارهم وفيصل علوي ومحمد عبده زيدي وعلي عبدالله السمة رحمهم الله.....وآخرين رحمك الله ياابا عصام...يامن تغنيت باليمن وكانت قصائدك مساحة أمل لأجيال في تحقيق الحلم في ذاك الزمان كيف لا وانت صاحب الرائعة الجميلة {ياجميلة} التي لحنها وغناها كروان الاغنية اليمنية محمد عبده زيدي وغناها أيضا الموسيقار محمد محسن عطروش حفظه الله ياجميلة والظفائر...تبن وحسان ياكحيلة والحواجب...مخا وعمران ياكعيبة والكواعب...صبر وشمسان ياضحوكة والمباسم...تعز وبيحان.
نعم انه زمن العنفوان الوطني والشعر الغنائي الراقي الى مستوى حجم الوطن وخصوصا أن شاعرنا تكلم في معظم قصائده أو كلها عن الوطن عن حبيبته اليمن وتغزل فيها بشكل رائع وبسيط قريبا جدأ من مشاعر بسطاء الناس ..الغالب الأعظم لعموم الناس في كل أصقاع اليمن. وفي ديوانه [القلب المشطور]، الصادر عام1989م عن دار الثقافة والنشر العربية والترجمة والتوزيع بالشارقة ووزعته دار الحداثة ببيروت وقدمه الباحث في شؤون الجزيرة والخليج_الاستاذ الجليل خالد بن محمد القاسمي قائلا في مقدمة الديوان {{أن الشاعر أحمد سيف ثابت تحلى بالروح الوطنية الحقة في القومية العربية في قصائده وأنه أكثر الشعراء الذين قرأ لهم تغنيأ بالوحدة واليمن السعيد وأنه تميز بالكلمة الصادقة والنغمة والمعنى العميق وتجد صداها في قلوب اليمنيين من أبناء سبأ وحمير في أرض اليمن الخضراء المعطاة }}وقد بدأ القاسمي تقديمه للديوان بالابيات التالية: ليت واطير نسرح...من عدن للعدين ولاحواجز توقفنا...ولاجئتم منين وبعدها ننطلق...وأطير للحيمتين وحب صنعاء دعانا...نقضي بها ليلتين نعيش أفراح أيلول...الرمز للثورتين مع الصبايا نغني...فكم وكم زغردين لوحدة الارض نرقص...رغم الذي شككين عدن وصنعاء عواصم...والمسألة خطوتين مشاعر الشعب ترفض...لليمن دولتين.
ويقول الباحث الاماراتي خالدبن محمد القاسمي : وقفت كثيرا مع القصائد التي احتواها ديوان القلب المشطور ، فهل من المعقول أن نجد شاعرأ يتغنى بالوحدة كما فعل أحمد سيف ثابت حيث فاقت قصائده العشرين قصيدة ذات حس مرهف لوحدة الشطرين وقد أسعدني كثيرا أن اجد ادباء اليمن يتغنون بالوحدة_ تلك القضية التي عاهدت نفسي الكتابة عنها حتى تحقيق ذلك اليوم العظيم الذي يتطلع أليه أبناء اليمن شمالا وجنوبا ومن هنا دعوة لاجيالنا الجديدة بقراءة هذه الاعمال الشعرية التي تغنت بالوطن اليمني والقلب المشطور بصمة تاريخية وصاحبها أصيل قدم للوطن اعمالا لاتنسى من الذاكرة اليمنية ومنها (عشر شموع من اليمن) و(أبتسامات ودموع الشجن) و(شجون الليل) وعدد من المخطوطات التي تضمنت مؤلفات وأبحاث لعلى أبرزها(مئة شاعر و600قصيدة)، الذي شاركه فيه رفيق دربه الشاعر الراحل سالم علي حجيري صاحب ديوان (نلتقي بكره).....وكلها صفحات تاريخية في الشعر الشعبي الغنائي اليمني ...فمثلا في الشموع العشر قصائد قد حوت من الصور الجمالية الفريدة والمعاني الانسانية والربط المحكم بين الحبيبة والوطن..ممايتيح الفرصة للتذوق والاستمتاع ففي الذكريات وكتابتنا عنها اليوم.
علينا أن نتذكر أرثنا الثقافي العظيم جنوبا وشمالا لاجيال لم يعاصروه وهم كثر وعسى أن يدركون ويفهمون ان الارث هو امتداد لماضي عظيم وتليد وان مايحصل من اخفاقات وصراعات واجتهادات واجهاض لمسيرة أمة عظيمة لاتمثل عصارة جهد وتاريخ مجيد لادبائنا الذين يطوقون الى الحرية والحياة الكريمة وفي مناسبة سابقة لذكرى رحيله كتبت أبنته أوسان احمد سيف ثابت..قصيدة اهدتها الى روحه الطاهرة ذكرى وحنين تقول فيها"
رسمتك في مقلتي عيني حبيبا
وكتبتك في صفحات عمري طيبا
وفي وحشة الليل كنت لي ونيسا
وبين الخوف والأمل كنت لي دليلا
بالحب والصدق رسمت لي طريقا
وفيه مشيت مستقيما
وعلى خطاك صنعت نجاحا
وتجاوزت أحزانا
ولم يزدني رحيلك الا أصرارا
للظروف والاحزان كنت متحديا
ومضيت طريقك مواصلا
راجيا أن تنال رضى الرحمن.
في أشارة واضحة بأنها تدعوا له.. ونحن معها بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه جنات النعيم احمد سيف ثابت شاعر غنائي وأديب ومثقف قدم للوطن الكثير مبدعا وموظفا ، وكان رفيقا لفقره وكبرياءه ووطنيته وعشقه لليمن ، ترك أسرة تحتاج الرعاية الكريمة من قبل الدولة...فهو أب لولدين و(6)بنات أسمهان وأنيس وسميرة وعصام وأروى وريدان وأوسان وسماح.... _ لذا وجب علينا أن نسخر أقلامنا ونلفت نظر من هم في موقع القرار وعبر وسائل الإعلام المختلفة بالاهتمام بأسرته من بعده.