فوز نتنياهو وتصريح ترامب وصفقة القرن

تتسارع الأحداث في كل من ليبيا والسودان والجزائر واليمن وفلسطين ( تشكيل الحكومة الفلسطينية السبت ) وهي أحداث بالتأكيد سيكون لنا وقفات عندها ، ولكن لا يمكن أن نتخطى في مقالة هذا الاسبوع فوز نتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية ، والتي كان من أصدائها المباشرة أنك لن تسمع أكثر من هكذا بجاحة من رئيس أكبر دولة في العالم ، عندما يصف هذا الفوز بانه " مؤشر جيد للسلام " .

 

صفقة القرن ، هي أهم حدث سيقلب المنطقة والشرق الاوسط رأسا على عقب ، ولهذا اخترنا فوز نتنياهو على ما عداه رغم خطورة كل الملفات ..

 

ولأن هكذا مضبطة يعوزها هكذا ختم ، فإن هذا المستوى من التدليس والكذب والنفاق والبلطجة ، من قبل رئيس الولايات المتحدة الذي ينتظر العالم اعلانه الصفقة خلال شهر أو أكثر قليلا .. أصبح غير مستغرب ولا مستهجن ، وما يشهده العالم من انفلات لضوابط النظام الدولي يؤكد بأن الممسكين بتلابيب هذا النظام الذي أسس أصلا لنهب الأرض وشعوبها باتوا الآن: كل يغني على ليلاه لاسباب موضوعية وتأريخية يحكمها ما يعرف بالتدافع الحتمي لحركة التاريخ .

 

الصحافة الاسرائيلية كشفت آراء لوزراء اسرائيليين ولكتاب مطلعين الاسبوع الماضي قالوا فيها إن ضم الضفة والمستوطنات جزء لا يتجزأ من صفقة القرن ( الوزير اسرائيل كاتس وقناة كان العبرية مثلا ) - هكذا هي المسألة - إلا أنهم أكدوا بأن هذا لن يتم إلا بالتشاور مع الولايات المتحدة ، وطالما أن نتيناهو رجل سلام ، فإن القضية الفلسطينية وصلت الآن إلى اكثر مراحلها خطرا ، بعد أن طُعنت في الصميم بخنجر جماعة أوسلو الذين راحوا هم ايضا بستين داهية عقب ربع قرن من توقيعم الاتفاقية بواشنطن في ديسمبر من عام 1993 ، حيث إنهم وطوال هذا التاريخ الأغبر لم يدخروا جهدا في التدليس على شعبهم الفلسطيني موهمين ومتوهمين بأن شارون الذي ضرب الاتفاق بالحذاء وتلميذه الحالي سيصنعون سلاما ويرجعون الارض والقدس واللاجئين ، وها هم هؤلاء ، جماعة اوسلو ، وبعد كل هذه السنين ، يقفون عاجزين حتى عن وقف التنسيق الأمني وحل السلطة بعد ان حولوا الانتفاضة من هتافات للتحرير الى هتافات للرواتب .

 

فوز نتنياهو وصفقة القرن ، تكشف ضمن وقائع وحيثيات ومعطيات لا تحصى ، بأنها مرحلة الضحك على اللحى ، حيث أصبح الأمر مجرد عبث و" تحشيش " أمريكي اسرائيلي ، بعد ضم القدس والجولان ، والمستوطنات ، ولاحقا الضفة بحالها .

 

إذا لم يتم التصدي لهذه الصفقة ، فإنها تعني قبرا محفورا يرشح صديدا في انتظار جثة أمة عبث بها حكامها وأوردوها الحضيض ، وهي صفقة بمثابة ترجمة عملية للفوضى الخلاقة واستحضار لكونداليزا رايز و" شلتها " من المحافظين وأرباب السوابق المتصهينين السابقين واللاحقين .

 

في التحضير لصفقة القرن فإن ترامب لم يكترث حين وصف نتنياهو بأن فوزه مؤشر جيد للسلام ، وخلال اجتماعات الصفقة الموعودة فإنه لن يكترث أيضا في أن يطلق على نتنياهو رجل سلام او رجل حرب او رجل مواقف طالما ان العرب في نظره ليسوا سوى " رجل طاولة" .

 

د.فطين البداد