ربما كان في بعض مظاهر نضجنا النفسي أن يكون في أستطاعتنا توجيه افكارنا والتحكم في عقولنا ، والحق أن القدرة على ضبط النفس وتوجيه مجرى الشعور هي نعمة كبرى وتاتي مع النضوج النفسي والاتزان العاطفي.
واذا كان هناك فارق أساسي يفصل الحرية عن العبودية فذلك الفارق سوى قدرة الرجل الحر على ضبط النفس والتحكم في مجرى التفكيروالتصرف ، بينما يظل الرجل الضعيف أسيرا لأهوائه غير قادر على التحكم في أفكاره.
ومن هنا فان القدرة على التحكم بعقولنا والذهن الصافي هو{{التفكر الموضوعي}} الذي لاينطلق من رأي مسبق ولايتقيد بنزعة مغرضة ، يلتمس الحقيقة لذاتها ، وينشد دوما الرأي الصحيح والراجح مهما تكلف في سبيله او كما نقول باللهجة الدارجة دغري وواضح على طول وكل من يريد لنفسه حياة هادئة مليئة بالصفاء النفسي فلابد له أن يعمل أولا قبل كل شئ على تحرير فكره من شوائب الاراء المغرضة والافكار المتحيزة من اجل الوصول الى الصفاء الذهني الذي يستطيع معها الحكم على الاشياء بنزاهة وأمانة
وهو الخطوة الاولى على درب السكينة لانه المظهر الاول لنقاء السريرة وصفاء الضمير وهو بالتالي التعبير الصحيح عن الصفاء النفسي وطهر الروح هي أشارة من أشارات السكينة الروحية وهي مظهر من مظاهر الصفاء النفسي ، ومن الطبيعي أننا لانملك هذه القدرة الا بقدر الممارسة ، أي أن نمارس متعة التفكير الحر والاستدلال بالواقع والمنطق
بحيث نعود أنفسنا بعدم اللجوء الى منطق العاطفة أو ان نرمي بالأمور في أحضان التبرير والنقاش العاطفي او بمعنى أدق(التبرير الجدلي العاطفي) المكسو بالمجاملة .
وليس هناك شك أن الصفاء النفسي وثيق الصلة بالصفاء الذهني ، فالتفكير الهادئ الرزين ينعكس على الشخصية بأسرها....
ونحن هنا عندما نتحدث عن الصفاء الذهني فأننا نقصد به عدم تكدر الذهن بشوائب الاراء المسبقة وتلخيص الفكر بالتخير والمحاباة وعدم النزاهة
ولو القينا نظرة فاحصة على التجربة الانسانية العادية لوجدنا أن ماينتزع الصفاء النفسي في معظم الاحوال أنما هو الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام
وأية ذلك أننا كثيرا مانجد لدى الاخرين ردود أفعال لاتخلوا من العدوان أو صراع أو تحدي ، وعندئذ قد يتبادر الى أذهاننا أن نواجه الشر بالشر والعدوان بالعدوان دون أن يخطر ببالنا أننا نذكي نار البغضاء ونزيد أوتار الشر !
وربما كان من مصلحتنا في بعض الاحيان أن نغض الطرف عن بعض المساوئ التي يقترفها في حقنا الاخرون ، فأن في شأن هذا الأهمال التجاهل أن يقذف بها الى زوايا النسيان ، وأن يزيد في صلابتنا الروحية في مواجهة أسباب العدوان
وكثيرا ماتكون سعادتنا رهنا بمدى قدرتنا عن الأمتناع عن تذكر الأحداث الأليمة والكف عن أجترار الرغبات الشريرة والعدول عن تنمية نوازع الحقد والكراهية في نفوسنا.
وليس من الضعف في شئ أن يتجاهل المرء أحيانا بعض الاساءات الصغيرة ، فأن من شأن هذا التجاهل او التسامح أن يكون بمثابة اعلان صريح عن قدرة الذات على الصفح والغفران
{{وهي قدرة لاتمتلكها ألا النفوس الكبار التي صهرت معادنها ألام الحياة وشرور الناس }}......
فكم نحن اليوم نحتاج لهذه الصلة بين الصفاء النفسي وصفاء الذهن...وان نتجاوز ونتجاهل الحقد والكراهية بأعتبارهما...عدوان أساسيان للصفاء النفسي