" البروفسورة اليمنية إسمهان الجرو " ( امرأة من ورد وفكرة )

 

غالية عيسى

حين ينبض قلب اليمن الكثير ، تكاد تسمع دقاته على جبال حضرموت وعدن وصنعاء وتعز وإب وكل اليمن .

فكيف إذا نبض ضوء العقل وحلق القلم على جناح العالمية إلى حيث يبتسم التاريخ حين يكتبنا ٲحرف من ضياء وفكر .

البروفسورة اليمنية والباحثة في علم التاريخ والآثار أ. مشارك . أسمهان سعيد أبوبكر الجرو ، أستاذة التاريخ في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان الشقيقة، لم يكن لقائي بها محض صدفة عابرة على قوافل الياسمين ، لاني كنت أعرفها مذ كانت أستاذة في جامعة عدن قبل خمسة عشر عاما أو يزيد ، لكنني بحثت عنها حين علمت بوجودها في جامعة السلطان قابوس .

    فرأيت ذلك الوجه العدني الذي يتقاطر منه عسل جبال دوعن الحضرمية ، وجه بشوش يتورد منه سحر السمرة وسماحة الروح وإبتسامة تحار كيف تفسرها إذ تبدو لك مزيج من قوة ورقة ، وهجين من أصالة وحداثة ، ونور من شرق وغرب ، وعطر من وردة وفكرة .

    متخصصة في تاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم ، تحديدا تاريخ وأثار جنوب الجزيرة العربية القديمة .

     حصلت على الدكتوراه في الآثار من جامعة السربون الفرنسية ..تجيد اللغات العربية والفرنسية والانجليزية ..ومن اللغات القديمة تجيد لغة النقوش العربية الجنوبية القديمة ( الخط المسند ) .

    عملت كأستاذ مساعد في جامعة عدن ، وأستاذ زائر في بعض الجامعات اليمنية والعربية ، كما شاركت في العديد من المؤتمرات العربية والعالمية .

    هي مثال المرأة العدنية في ستينيات اليمن المشرق ، زمن التنوير و التحرر والبعثات العلمية والحرية الفكرية والإنسانية المطلقة .

     وهي أيضا نبراس يرن بصوته العاجي في زمن البؤس والخيبة العربية.. هي المرأة العربية التي تتوهج بالقوة والعطاء والصمود وحب المعرفة والاطلاع . متقدة بالنظال البحثي والكفاح من أجل تحقيق الهدف الذي يشرق من خلاله بهاء الجزيرة العربية.

      هي مثال المرأة اليمنية التي رسمت شمس بيضاء على جدار تجهيلها وتهميشها ونسجت من خيوط العزيمة أجنحة تحليقها إلى حيث تريد أن تصل ، فوصلت إلى حيث جاورت خير جليس ، بل وباتت تقف على عيون وأمهات الكتب .

   تحاور ،تكتب ، تبحث ، تناقش ، تزرع فكرتها ، وتنقش عصارة جهدها على أبواب المنهجية الأكاديمية والبحث العلمي العالمي . تحمل أدواتها للخوض في معركة العلم والبحث والتقصي وجمع الأدلة والحجج والوقائع والبراهين .

    لطالما كنت مؤمنة دائما أن علماء التاريخ والآثار مثل المناضلين والثوار المستبسلين من ٲجل إثبات حقيقة كونية و قضية شائكة موضوعها الأرض والإنسان .

    حضرت لها بعض المحاضرات العلمية منها ما اتصل به التاريخ بالأدب كالأساطير الأدبية والتراث الأدبي و أدب الحضارات..  فكنت في كل استماع يٲخذني جمال الدهشة في طرحها للموضوعات المنتقاة بعناية العارف المدرك والمحاور الذي لا تخرج من محيط فكرته الدقة في إعطاء المعلومة واسنادها بالقصص التاريخية والحجج التي تقود عقل المتلقي إلى التأثير والإقناع .

     وعلى الصعيد الإنساني تعد " إسمهان " صديقة فريدة لما تمتاز به من عاطفة نبيلة وروح مرحة ، نقية ، محبة للجميع .

   الإبتسامة لا تهجر محياها بسبب تصالحها مع نفسها ومن حولها وشعورها بالرضى والانسجام التام حتى مع من يسيئ إليها .

    يستحيل أن تجلس معها من دون أن تخرج بتعلم قيمة إنسانية أو درس نفسي ٲو رؤيا فلسفية أو محاضرة علمية. لذلك ٲسميتها " امرأة من ورد وفكرة "