شهيد الواجب.....نجدي حسن

لاأدري من أين  أبدأ الكتابة بهذه الواقعة التي أبلغني فيها واحدآ من أعز أصدقائي وأفضلهم على المستوى الأنساني والأخلاقي  والعلمي في أجازة عيد الفطر المبارك ، يدعوني  الى الكتابة ،  بعد قراءته لخبر صحفي في الميديا عن وفاة عامل النظافة في بلدية الشيخ عثمان (نجدي حسن)الذي توفي ثاني ايام عيد الفطر المبارك والذي حز في نفسه طريقة التعامل  المهينة تجاه ذلك الرجل المسكين الذي  كان ملتزما ومحترما لعمله في يوم عيد الفطر تاركا زوجته وأطفاله الثلاثة ليؤدي واجبه في تنظيف وساخات وقاذورات  المجتمع كعادته وامثاله ممن لايهتم بأمرهم أحد ، وتلك السطحية والمهانة التي تقوم بها تلك القيادات الرخوة والمتعالية وتكتفي بتقديم التعزية في ذيل صفحة في الميديا واحيانا لايتم ذلك للاسف

حيث لاينظر مجتمعنا الى تلك الفئة من البشر بنفس الاهتمام والرعاية التي يحظى بها غيرهم  لمجرد لون بشرتهم وطبيعة عملهم  وفي كثير من الاحيان يعاملهم المجتمع بكثير من الاحتقار

وهذا غير مقبول أنسانيا وأخلاقيا ..يامن تدعون  انكم  ساسة دولة ونخبها وأحزابها وأصحاب ومراكز دراسات ومؤسسات مجتمعية تنشدون الحرية والمساواة  وتضجونا بالدولة المدنية الحديثة ونراكم صامتون ولم ارى منكم دراسة حقيقة لحلول مجتمعيه اساسها قبول الاخر أي كان.....فاين انتم من هذا ؟  لمن منحناهم تسمية مهمشين في المجتمع لغرض تمويلات...لمراكزكم ومؤسساتكم الفاشلة التي لم ترتقي وتنصف هذه الفئة الضعيفة المسكينة

لماذا هذه النظرة المتعالية تجاه هؤلاء البشر من الناس.....وهل يرضى احد منا أن يزف أبنه وفلذة كبده الى مثواه الاخير اوتنقل جثمانه الى الى بيته  بعربة نظافة لقاذوراتنا
ولعلى مانحن فيه من بلاء وحروب وامراض بسبب هذا التعالي  على الفئات المسكينة المغلوبة على امرها....وسيحاسبنا الله جميعا على صمتنا وعدم مطالبتنا بتحقيق شفاف...لكل قيادة صندوق النظافة بعدن العليا والدنيا والميدانية  بهذه الواقعة التي كانت ومسؤولة وآمره لهذا العامل.....{{شهيد الواجب}} نجدي حسن رحمة الله علية...من النيابة العامة ...وهنا..أطلب تحقيق يرتكز على _هل كان مريضا؟ هل اجبر على العمل؟ وهل موته طبيعيا كماورد ؟.....
بأعتبار الانسان هو الثروة الوحيدة في اليمن والتي تسفك دمائه يوميا دون حسيب ورقيب...في مجمل ضحاياه ه من المساكين والفقراء والبسطاء ، وقد أشرنا الى ذلك في مقالات عديد وعلى مدى سنوات البلاء والفتنة والحرب .

وهنا  اذكر ان وجد شئ بالتحقيق اوخطأ ما فعلينا الاعتراف به ومحاسبة المستهترين بحياة الناس وأعطاء كل ذي حقا حقه..... وقد لايكون من السهل على المرء الاعتراف بخطئه.....فالاعتراف بالخطأ قد يؤذي المشاعر وأصعب مرحلة يمر بها الانسان أو المجتمع كله  هي تلك الخطوة التي يجب أن نجدها في أنفسنا وسلوكنا ونظرتنا لهذه الشريحة ..الممتهنة حقوقها وكرامتها ومنحناهم توصيف لايليق مهمشين بالمجتمع....
وهي خطوة لمحاسبة انفسنا  وخطوة في الاتجاه الصحيح التي لابد لنا  بل يجب  علينا  اتخاذها وننسى الكبر والترفع ونتقدم بشجاعة للقول : نحن(آسفون !) او أنا( أسف ) لما بدر مني اومنا تجاه هذه الفئة المظلومة في مجتمعنا التي اعطيناها مصطلح انحطاطي ولا أخلاقي( مهمشين) للمتاجرة  بحرياتهم  والقوت اليومي لهم في سوق النخاسة الدولية النتنة ومنظماتها التي تعيش وتتطفل على شعبنا العظيم وأستفادة من وراء شقاءه ومعاناته الانسانية كلنا نعرفها  ونصمت.....
.فكفى فخيراتنا وارضنا خصبة وخيرة ولانحتاج الا العمل بها سواسية وقبول كل منا الاخر طويل وقصير واسود وابيض....الخ ، سواسية كأسنان المشط كما علمنا ديننا الحنيف  وفي كتابه العزيز {{القران الكريم}} اخر الرسالات السماوية العظيمة والفريدة

فالاعتراف اننا مخطئون عندما نخطي   هي قمة النضوج الفكري والانساني ، وربما كانت واحدة من الصفات الحسنة لكثيرون وحيث اجد نفسي واحدا منهم حين أخطئ  ، فأنني لااتردد لحظة واحدة من ان اعتذر لمن أسأت اليهم أي كان ، ولكنني كنت احرص دائما على أن أعتذر وأنا واقف على قدمي ...ولم اركع يوما على ركبتي  الا لله عز وجل ولانني لا أستجدي صفح الناس  وأنما أعترف أمامهم بأخطأئي ثم أعتذر عن هذه الاخطاء ولكن بكرامة...

فهل نعتذر كدولة ومجتمعا مشايخ واعيان ومثقفين ورجال فكروأعلام وساسة ونخب.....لشهيد الواجب نجدي حسن وأسرته وأبنائه الثلاثة ونحاسب  أن كان هناك خطأ أو أهمال  اوأجبار على العمل وهو مريض يكشفه التحقيق وبشفافية..وعن كل ملابسات الواقعة وهو يؤدي واجبه الوطني الذي لايقدره الكثيرون في المجتمع للاسف الشديد

وعليه فأنه يستحق منا الكثير....فهل نفعل ذلك ؟؟!!
ونكرمه في تربته ليرقد بسلام وان تحظى أسرته واطفاله الايتام  برعاية كاملة كونه((شهيد واجب)) من المجتمع والدولة
وليكون  الشهيد نجدي حسن رحمة الله عليه ناقوس يدق في عقول مجتمعنا  ونخبته وكل في اختصاصاته  ومن يتحملون المسوؤلية اليوم في الوطن الممزق بالفتن والحروب والرياح العابرة القادمة من خارج حياض الوطن العزيز والكريم ........فهل نصحو بمانحن فيه اليوم ؟
 ونلتفت لمجتمعنا الممزق ونعيد صياغة نظرتنا له  لتجسيد قيم التسامح والمحبة والاخلاق والحكمة  ولقول رسول الله(محمد) عليه أفضل الصلاة والسلام...: [[ أنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق]]   ، وبهذه الكلمة الجامحة السهلة أجمل النبي مهمته الالهية الأنسانية ، وهي دعوة عالمية لاتتقيد بزمان ولا مكان ولا طائفة بل تنظر الى الانسان بماهو به أنسان أي كان شأنه ولهذا تشمل شتى البشر _ وهذه الكلمة النبوية هي دستور الأخلاق في القران الكريم وأخلاق الاسلام هي أخلاق القران ولم يكن خلق النبي الا القران

واجد نفسي هنا ملزما أخلاقيا الذي هو الاساس...فلامسؤلية حيث لا الزام ، واذا عدمت المسؤلية فلايمكن  أن تسود العدالة ، وحينئذ تتفشى الفوضى ويفسد النظام وتعمم الهمجية والبربرية والنظرة القاصرة تجاه الناس لا في مجال الواقع فحسب بل في مجال القانون أيضا

فكيف لنا ان نتصور قاعدة أخلاقية دون ألزام ؟ ونجعل من الضمير مجرد اداة للتقديرالفني؟
وهنا تبرز مسألة الجزاء وأرتباطها بين الألزام والمسؤولية  وحيث أن القانون يتوجه الى أرادتنا الطيبة بالدعوة ، فهو {يلزمنا} الاستجابة اليها فاذا قبلنا او رفضنا حملنا  {مسوؤليتنا } ثم يقيم موقفنا هذا فهو(يجازيه)......والقانون الاخلاقي هو مطلب لانفسنا لايقاوم ،  ثم هو فرض  لضميرنا الجماعي ، ثم انه أمر مقدس لضمير فرد في أكمل صورة وأقدسها  المثلث الشكل للمسؤولية تتبين اجزاء ثلاثة( أخلاقي_قانوني_آلهي).

فهل ندرك ونفهم وننبذ هذه النظرة تجاه هذه الفئة التي أسميناها (مهمشة) ؟ وهل روح الشهيد نجدي حسن ستكون ملهمة لنا جميعا كأقلام وقراء ومحللين وأصحاب ورش عمل وندوات وجامعات  ورجال فكر وثقافة وأدب ومجتمع مدني ننشده ولا نجيد قبول الاخر.....في دراسة وتحليل وحلول لهذه العنجهية السخيفة والنظرة القاصرة  ونقف امام من يدعوا لها اويمارسها في سلوكه  او يشتغل عليها اخرون للكسب حينا اخر

وأختم مقالي هذا بسيرة عطرة أستذكرها هنا للصحابي الجليل صاحب البشرة السوداء أول رجل أسود أسلم ولم يكن على ظهر الارض من مسلم  الا هو وبضعة نفر من السابقين الاولين من الصحابة انه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم {{بلال بن رباح}} رضي الله عنه
الذي لقي أذى من المشركين مالم يلقاه سواه......وحين وافاه الأجل المحتوم في دمشق ، كانت أمرأته تعول الى جانبه في مرض الموت وتصيح قائله :

واحزناه..................

وكان هو يفتح عينيه في كل مره ويجيبها قائلا :

وافرحاه....................

ثم لفظ انفاسه الاخيرة وهو يردد :

غدأ نلقى الاحبه....محمدأ وصحبه
غدأ نلقى الاحبه ....محمدأ وصحبه

هكذا كرم الله وديننا الأسلامي..ذو البشرة السوداء...فأين نحن من هذا ؟!!!!!
وهل اوصلت  الرسالة لحسرتك ياصديقي  العزيز؟