أزمة الفكر العربي....

أن قدرا كبيرا من مشكلاتنا اليوم يعود الى الحواجز التي أقيمت بين صانعي القرار والمثقفين ، وخلقت هذه القطيعه جوا من عدم الثقة المتبادل وأنعدام الأطمئنان المصيري الفردي والجماعي وظل هذا هاجس لدى قطاع واسع من المثقفين العرب اليوم
ومن وجهة نظر متواضعه فأن ردم  هذه الهوة ليست بالامر الهين ، فعلاقة المثقف بالحاكم في تاريخنا ليست علاقة أيجابيه في كل الاحوال ، وهي ليست أيجابيه بالقطع في تاريخنا الحديث ألا من جانب واحد، جانب المثقف المبرر لفعل السلطه وليس الناقد لها وهذا ليس بالغريب حتى في مجتمعات متقدمه ورأيناه حتى في أمريكا......

الواقع العربي متشعب ومتنوع ويعاني يحتاج الى جهد أبنائه  في دراسته دراسه  متعمقة ومتأنية  بقدر مايتمتع  المثقف من الحرية وبقدر مانوليه من ثقة هو جدير بها بقدر مايستطيع أن يقدم لنا من الحلول والأجابات الواقعية.. لما نحن به اليوم وبما نعيشه من واقع مرير وصعب يتطلب كل جهد وكل عقل وقلم عربي وطني ناضج يحمل فكر ومترفعا عن الذاتية العقيمه أو المتزلفة للحاكم .
وأن يتجسد الجهد الحقيقي لبناء أوطاننا بدلا من التجاذبات العقائدية والمذهبية والسلالية المتطرفة والنفعية وعليه يجب أن نقوم بمعالجات جذريه أستنادا الى دراسات وليست على أهواء عقول المرحلة الحاكمة الضيقة  وأن ننظر أفقيا وعموديا لما نحن فيه

أننا مازلنا نعيش في عالم لا تسوده السلوكية الاخلاقية، ولاقواعدالقانون الدولي ، ولامبادئ العدالة الأنسانية ، نحن في عالم سيظل زمنا طويلا تحكمه شريعة الغاب والظفر با المصالح ولاغيرها ، واذا كانت  بعض العلاقات الدوليه تبدو أكثر تشذيبا مما مضى، فهذا مظهر فقط ، وتغير في الاساليب لاغير، الاساليب الغير مباشره من خلال حروب الجيل الرابع والخامس.وربما أجيالا اخرى ،  وهي أساليب أخطر ورأيناها فيما سمي بالربيع العبري...

اليوم أسلحة الفتك بدولة ما أو مجتمع ما ليست محصورة بالأسلحة وبالجيوش  ، ولكنها  أسلحة أخرى...وماخفي منها أعظم تبدأ من أفساد الذمم   والضمائر على مستويات عالمية إلى تأليب عناصر الفتنة والتخريب بأيادي مجهولة خفية الى الأيقاع  بين الاخوة في المجتمع نفسه ومع الجيران وذلك بأثارة الحروب المحلية التي  يستفيد منها طرف ثالث  بعيد دون أن تتلوث يداه أليس هذا مايحدث في  عالمنا العربي اليوم

وعليه يجب أن نحدد مواقفنا وسريعا من التقدم والرقي والاستقلال والنهوض للحاق بالعصر لايتوقف على سد الفجوة بين أجتهادتنا الفكريه في اطار من الحوار الحر والمتفاعل، أنما أراه فوق ذلك وبعده
وعليه يجب خلق قنوات أتصال سليمة  لتحويل تلك الافكار والاراء الى فعل في صلب العمل المؤسسي  لأصحاب القرار السياسي ،
وهنا تبرز قضية سد الفجوة بين المثقفين والسلطه السياسيه ، تلك الهوة  المطلوب ردمها وهي ليست بالهينة كما أسلفنا ، طبعا لن يأتي ذلك ألا بأقامة الجسور لسدة الفجوة بين مختلف الجزر الفكرية
أن هذا العمل الجسيم ليس بالتمني ولكنه أصبح ضرورة قصوى لانقاذ أوطاننا من  هذا التدهور الذي نراه  ونظل متفرجون..الذي قد يؤدي لاسمح الله الى هلاك أوطاننا وأمتنا العربية بالتشرذم والتقسيم والتفتيت على طريق تحقيق اماني الصهيونية العالمية التي تسعى بشكل محموم الى تمزيقنا من داخلنا للاسف لما هوحاصل وامام أعيننا..

.فهذا الصمت  المريب لما يحدث في عالمنا العربي والشرق الاوسط تحديدا  يضع أمامنا علامات أستفهام     هل الفكر العربي تجمد او عطل ، والمؤلم جدا أن هذه الحروب وهجمتها أستخدمت أدوات ثقافية ، مما يوجب علينا أن نراجع جذورها  وسنكتشف أنها تشوهات  حمل لواءها مثقفون مشوهون بشروا بهذا الصراع المفتعل على مدى عقد من الزمان ونظروا له، فمهدوا  لربيع الفتنة  من داخل الجسم العربي..وسيكتشف من لايصدق  أن هذه الفتنة فخ منصوب للجميع لنا كما لغيرنا..يمهد لنظام دولي جديد يعيش فيه الأقوياء..  

من هنا ندعوا الدعوة لكسب المعركة مجددا بعد أن اعتقدنا أننا كسبناها بخروج المستعمر وبأشكاله المختلفة
دعوة لها مصداقيتها ، وهي هذه المرة دعوة لكسب المعركة ضد النفس والذات وصحوة الضمير العربي، والدعوة للحوار بنقاء أنطلاقا من مبدأ __ليس الكل على خطأ وايضا ليس الكل على صواب.
فالرفض والتعنت والتعصب والانغلاق سمة غالبه صاحبت كل المدارس الفكرية العربية ومشاربها المعاصرة.والنماذج لايجهلها أي مثقف عربي __انفصام مابعد أنفصام بين معسكرات الجزر الثقافية المعاصرة

وبذلك لست احب أن يظن قارئ المقال أنني أنظر الى المستقبل العربي نظرة قاتمة...كلا.أنني على العكس متفائل  بالمستقبل العربي وعلى يقين من الخروج من هذه الصراعات.ويقيني من أيماني بالله..كوننا خير أمة أخرجت للناس.. متفائل جدا باليقظة الشاملة في الضميرالعربي العام
متفائل بتطلعات عربية  حتى وان كانت في عجله من أمرها، متفائل بالامكانات العربية وخيرات الارض  وثرواتها وبالامكانات المتاحة ماديا وبشريا ، مهما شابها من فوضى او سؤ أستخدام أو أهدار....

وبقدر أمكانات الامة الواسعة والطموحات المشروعة، وبقدر مالها من سابق تاريخ  يثبت قدرتها على النمو والقوة والابداع ، بقدر ماعلينا أن نتصور ونفهم المخاوف التي تثيرها هذه الامور لدى الاخرين ، ومايمكن أن ترتبه هذه المخاوف والتوقعات لديهم من سياسات ، من أجل ذلك
 نبهنا وسنستمر في هذا التنبيه لكي يصحوالضمير العربي الجمعي ليواكب  مايحيط به من مخاطر.. والتنبيه الى مانتعرض له بالفعل ومايمكن أن يكون مقدمة لاشياء أكبروأخطر في المستقبل القريب
وخصوصا وانه لابد أن يسجل المرء ، مع الاسف ان كثيرا من دولنا ومجتمعاتنا والمشارب الفكرية لدينا، قد وقعت في بعض هذه الشراك المنصوبة ، دون أدراك او دون ان ترى ابعادها..فوجب علينا ذلك

خصوصا أنه قبل هذا كله، وطوال نصف قرن كانت الجبهة الوحيده التي تشغل بال امننا العربي، فضلا عن حقنا المسلوب...هي جبهة أسرائيل.

اليوم ماذا نرى؟ 
جبهة أسرائيل اتسعت، واستشرت، وتفاقم خطرها   والخليج تسبح فيه أساطيل وسفن وقواعد حربية  أجنبية وتعج فيه ، وبالمقابل أيران تمددت وأصبحت تجد نفسها في اماكن نحن من تركنا هذا الفراغ لها يوم أن ذبحت العراق، ونحن متفرجون نعم أصبحنا أمام خطر صهيوني عالمي يستخدم كل وسائله وادواته وأذرعه  في الشرق الاوسط.لتتويهنا في صراع  هو المستفيد الاول من ذلك ، لاستنزاف ثرواتنا وأسكات صوتنا بالمطالبة بالحق المسلوب منذو عام ١٩٦٧م ، لكن لن تنجح هذه التوسعات والمطامع في أرضنا العربية مهما تمادوا
 أن يقظة الفكرالعربي وحكمة قادة الامة في توحيد كل الجهود والنوايا وبصدق  سيمنع كل ذلك