الخطوة التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية، بصفتها قائدة التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، بوقف إطلاق النار لمدة محددة، من أجل إتاحة الفرصة للعمل الإنساني في مجابهة جائحة كورونا، وكذلك توفيراً لمناخ مناسب لمن يريد - حقاً - جلب السلام والحوار في بلاد السعيدة.
لاقت هذه الخطوة حفاوة إقليمية ودولية، رغم - أو ربما بسبب - انشغال العالم كله بقصة كورونا المستجد.
مجلس الأمن الدولي رحّب بقرار وقف النار الذي أعلنه تحالف دعم الشرعية في اليمن، من جانب واحد، لدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وبتجاوب الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، مع نداء الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، لوقف الأعمال العدائية فوراً. وطالب جماعة الحوثي، بتقديم التزامات مماثلة من دون تأخير، كما ثمَّن مجلس الأمن تجاوب الحكومة اليمنية مع نداء وقف إطلاق النار، مطالبين الحوثيين بتقديم التزامات مماثلة من دون تأخير.
مجددين تأييدهم القرارات السابقة لمجلس الأمن، منها القرار 2216 لعام 2015، وشددوا على دعمهم لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
الدافع الرئيسي لهذه المبادرة من قبل قيادة التحالف السعودية، كما الحكومة اليمنية الشرعية، هو التفرغ لمعاجلة الداهية الدهياء، فيروس «كوفيد - 19» أو «كورونا المستجد»، ومن المعلوم أن اليمن، حتى قبل الحرب الحالية، يعاني من ضعف النظام الصحي العام، ليس بسبب فقر اليمن، بل هو بلد غني ويمن «سعيد» بسواحله وجباله وزروعه بل ونفطه، لكنه ابتلي بسلسلة من العهود السياسية المدمرة، من العهد الإمامي مروراً بالعهود الجمهورية «الشكلية»، وصولاً اليوم لعهد الإمامة المستجدة، الحوثية، بنكهة خمينية.
إذن، فلا ملامة اليوم على السعودية، قائدة التحالف، دولياً، فقد أبرأت ساحتها، وهي فعلت ذلك من قبل لو كانوا ينصفون، أعني المؤسسات الدولية، لكن لا بأس، فزيادة النور... أمر حسن، ومن البداية لم تكن السعودية تريد من اليمن إلا الاستقرار والتفاهم بين بنيه، وألا يكون منصة للعدوان الإيراني، ومفرخة لحملة الشر الإرهابي الإخواني - القاعدي - الداعشي... كما لا تريد لهذا اليمن أن يكون جنّة لتجار السلاح ومهرّبي البشر ونقلة المخدرات... فهل هذا كثير؟ وتذكر أيها القارئ الكريم أنَّ السعودية هي الدولة الوحيدة التي تملك الحدود الدولية الأطول مع اليمن... سهولاً وجبالاً وبحاراً.
هل سيلتزم الحوثي بهذه الهدنة؟ أو يخرقها ويلتف عليها كما فعل من قبل مراراً، نتذكر عبثه باتفاق استوكهولم حول ميناء ومدينة الحديدة.
بنظري، الأرجح أنه سينتظر تعليماته من طهران، التي حولت الحوثي لورقة لعب على طاولة السياسة والابتزاز الدولي... لكن بكل الأحوال الدرس الكبير يجب أن يتعلمه الراعي الدولي حول: من هو أصل الشر في اليمن، واللامبالي بهموم الإنسان حتى لو كان همّاً بضخامة «كورونا المستجد».
نقلا عن الشرق الأوسط