وضعت الأمم المتحدة يدها على الجرح الذي يصرخ منه اليمنيون بإعلانها انهيار الوضع الصحي في مواجهة تفشي كورونا في اليمن، ذلك الجرح الذي حذرنا من الوصول إليه مرارا وتكرارا في تناولات سابقة كأحد نتائج الفشل المتوقع حدوثها في معظم القطاعات الخدمية التي باتت اليوم على وشك الانهيار العام، ليس بسبب الحرب فقط التي دخلت عامها السادس إنما لفشل الأطراف المتحاربة في إدارة المحافظات التي تقع تحت سيطرتها، والاخفاق في تسيير عمل ما تبقى من مؤسسات الدولة والتنصل عن مسؤوليتها في الحفاظ على حياة السكان، وبعد والخطوة المتأخرة للأمم المتحدة بإعلانها إنهيار الوضع الصحي، وفشل اجراءات مواجهة تفشي وباء كورونا في اليمن، ترى ما هي الخطوات المترتبة عن هذا الإعلان التي يمكن اتخاذها لإنقاذ ارواح اليمنيين من الخطر الذي يتهدد حياتهم في ظل فشل أطراف الصراع في إدارة شؤون البلد؟ وكيف يمكن الحفاظ على ما توصلت إليه المساعي الأممية لإحلال السلام في اليمن؟.
لقد ذهب اطراف الصراع في الشمال والجنوب للاحتراب من اجل السلطة والسيطرة والإثراء وممارسة كل أنواع الفساد والانتهاكات، بدلا من القيام بأبسط الالتزامات والمسؤوليات الأخلاقية لحماية ارواح الناس في المناطق التي تقع تحت سيطرتها بالإضافة لعدم تعاطيها الإيجابي مع متطلبات السلام لاستعادة الاستقرار وتطبيع الحياة فيها لتصحو الأمم المتحدة على تفاقم الوضع الصحي وانهياره واقتراب اليمن، إلى الكارثة والإبادة الجماعية بسبب تفشي فيروس كورونا، لتعلن متاخرة عن انهيار الوضع الصحي الذي سيدخل اليمن منعطف خطير يتطلب اجراءات محلية وإقليمية ودولية عاجلة لإنقاذ أرواح اليمنيين من الخطر الذي بتهدد حياتهم حيث تحصد الأوبئة مئات الوفيات في عموم اليمن يوميا منذ مطلع العام الجاري، ففي عدن وحدها وصل عدد الوقيات يوميا إلى مائة حالة، فضلا عن تسيس انتشار والوباء والتعتيم عن اعداد الضحايا، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الخدمية كالكهرباء والمياه وارتفاع حالة الفقر الذي يضاعف المأساة، ويعيق اتخاذ المواطن اجراءات وقائية ذاتية، كالحجر المنزلي ومنع المخالطة وتوفير المياه النقية الصالحة للشرب لحماية نفسه وافراد اسرته من انتقال عدوى الفايروس.
إن إعلان الأمم المتحدة عن انهيار الوضع الصحي في اليمن يعري فشل إدارة جميع الأطراف المتصارعة لشؤون البلد، وإشارة واضحة منها لتحميلهم مسؤولية الضحايا، وان الفشل المتسبب في هذا الانهيار، هو تأكيد على أن الأطراف اليمنية والإقليمية الداعمة لها تعاني من اختلالات كبيرة، ولن يجدي معها الدعم الدولي والمساعدات المالية وحدها نفعا لإنقاذ أرواح اليمنيين، واستعادة الوضع إلى ما يؤهله للقيام بمهامه وواجباته الإنسانية، ما لم ينخرط معا جميع الأطراف بمصداقية وقناعة تامة لاستكمال خطوات السلام للوصول للتسوية والحل النهائي للصراع في اليمن لإنقاذ الوضع الإنساني فيه.
تتضاءل قدرة الأطراف المتصارعة على القيام بواجبها الإنساني تجاه الشعب اليمني في الجنوب والشمال، وامكانية تحجيمها للخطر الذي يحصد المئات من أرواح البشر يوميا، وطمئنة المجتمع الدولي بحسن توظيف المساعدات الدولية، والموارد المحلية لحماية اليمنيين بعيدا عن استخدامها السيئ له لدعم صراعاتها وجبهات القتال. ففي ظل تعقيد الوضع الإنساني والسياسي وانهيار الخدمات.. هل بات فرض السلام بالقوة هو الخيار الأفضل والأكثر قبولا محليا وامام المجتمع الدولي والإقليمي لإنقاذ أرواح اليمنيين من وباء كورونا؟.