عن أي عنف تتحدثون؟

     هناك العديد من الفلاشات التوعيوية والبوسترات ، تتحدث عن العنف ضد المرأة، ومن وجهة نظري - كمخرجة ويمنية - فإن مثل هذه الفلاشات لم تعد صالحة للعرض الآن، فالعنف ضد المرأة اليمنية أصبح ابشع مما تعرضه تلك الفلاشات.

    فإذا اردنا ان نتحدث عن العنف ضد المرأة اليمنية فلنترك كل ماسبق جانبا ، لاننا كنا قد تجاوزنا مفردات ومستوى العنف الذي تعالجه هذه هذه الفلاشات والبوسترات منذ زمن، واصبحت نسبة تلك الظواهر في تناقص، إضافة إلى انها ظواهر لاتخص المرأة اليمنية فقط، بل حتى الدول العربية الغنية والشعوب المتعلمة والمثقفة تعاني المرأة فيها من ذات العنف.

     إن العنف الحقيقي الذي تتعرض له المرأة اليمنية الآن اكبر وأخطر بكثير .. فالمرأة اليمنية تعيش العذاب الحقيقي عندما ترى طفلها يئن مريضًا ولا تستطيع أن توفر له الدواء، او لاتجد مستشفى يقدم لها يد المساعدة.

     العنف الأكبر والأسوأ تعيشه المرأة عندما لا تستطيع توفير وجبة واحدة لاسرتها تسكت بها جوعهم. العنف الحقيقي تتجرعه عندما ترى شباب وطنها يموت منتحرا او مهجرا اومشردا بسبب ضيق العيش.

     العنف الأشد ألما تعيشه المرأة عندما تجد كبار السن في الشوارع بلا مأوى او مأكل. العنف عندما تجبر على دوام بلا راتب او ان تعمل بأجر زهيد.

    العنف عندما تغصب على قبول معتقدات دخيلة على الإسلام كي تأمن على نفسها من جبروت سلطة فرضت عليها. العنف عندما ترى وطنها الذي كان قبلة السياح أصبح قبلة للسلاح، وميدانًا للصراعات.

     العنف عندما ترى حضارة وحاضر ومستقبل وطنها تدمر، أو تنهب ثرواته من قبل شرذمة فقدوا نعمة الوطنية. العنف عندما تسمع أصوات الانفجارات بدلًا عن أصوات العصافير، وانين الجرحى وبكاء الثكالى والارامل بدلًا عن الموسيقى والغناء.

     العنف عندما ترى دماء أبناء وطنها تراق على أيدي بعضهم بعضا، بدلًا من ان يروي عرقهم ترابه الطاهر لينمو ويزدهر. العنف عندما تجد ان أسوأ الاخبار عن وطنها تتصدر كل وسائل اعلام الدنيا، بعد أن كانت اخبار تطوره وتقدمه وجمال طبيعته تزين القنوات.

     العنف عندما تفقد الأمن والأمان في وطنها فلا تجد دولة تحميها وتوفر لهاحقوقها كإنسان اولا. العنف عندما تجد النظرة الدونية عن اليمن واليمنيين ، باعتبارهم شعبا متخلفا فقيرا مريضا جاهلا بسبب اعلام فاسد او شلة متخلفة تقف خلف نشر واشاعة تلك الصورة السوداء ليجمعوا الدولارات باسم حقوق الإنسان، وهم يتصدرون أسباب وصول البلاد والعباد لهكذا وضع، بعد ان كانت الصورة النبيلة لعراقتها واصالة شعبها تنافس في المحافل والفعاليات الدولية، فاليمن اصل العروبة وفخر كل عربي.

    العنف عندما يمر أمامها كل ليلة شريط ذكريتها فيبكيها على حياتها التي سلبت منها، وحقوقها التي كانت تتمتع بها، تبكي ماضيا مفقودا وحاضرا مطحون ومستقبلا موؤودا.

   فعن أي عنف تتحدثون؟