تزايدت العمليات الإرهابية في عدة دول منذ إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، والسبب لم يعد خافياً، أو يقبل الشكوك، وهو أن إيران بدأت تحرّك خلاياها وجماعاتها الإرهابية لخلط الأوراق، واستنزاف المجهود الدولي، والإبقاء على الإرهاب مبرراً للنفوذ والهيمنة والتدخل في شؤون الآخرين.
إيران تهدف إلى ضرب المصالح الأميركية في عدد من الدول العربية، والآسيوية، رداً على الانسحاب من الاتفاق، وتشتيت جهود واشنطن الإقليمية والدولية قبل أي تسويات سياسية مرتقبة، أو اتفاقيات تخرجها من المشهد وتعيدها إلى المربع الأول، حيث بدا واضحاً أن ورقة الإرهاب التي تلوح بها إيران كسلاح في المواجهة مع أميركا، ليست سوى انعكاس للأزمة التي تعيشها على أكثر من صعيد، ومحاولة فاشلة للهروب إلى الأمام قبل تطبيق العقوبات عليها في الرابع من نوفمبر المقبل، والأهم ما تسفر عنه مخرجات هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي في تحديد مصيرها للخروج من سورية.
المخطط الإيراني في نشر الفوضى والطائفية مستمر، ولن يتوقف، وستحمل لنا الأيام والأسابيع، وليس الشهور أحداثاً إرهابية مدعومة من إيران في أكثر من مكان، وهو ما يتطلب جهداً دولياً في التصدي ليس على مستوى العمليات المتوقعة، ولكن الأهم على مستوى التعامل مع إيران الدولة والنظام، فالعقوبات وحدها لا تكفي مادامت إيران تقاتل خارج محيطها، وأذرعها تواصل تنفيذ أجنداتها بالنيابة عنها، والأخطر أن تمتد يدها للنيل من مقدرات الشعوب لتعويض خسائرها، أو تحريك الشارع العربي في أماكن عدة من العراق واليمن ولبنان وغزة لإثارته، وتأزيمه، وإبقائه خارج السيطرة الحكومية.
سؤال مهم: من الذي حرّك جموع المتظاهرين في البصرة في هذا التوقيت؟، ومن الذي جعل الحوثي يصرخ على قدر الألم في خطابه البليد؟، ومن الذي أخرّ تشكيل الحكومة اللبنانية إلى اليوم؟، ومن يدير جماعة حماس لإثارة المواجهة والتصعيد مع المحتل الإسرائيلي؟، والجواب حتماً إيران، التي تريد أن تقتات على أزمات الشعوب، وتحاول أن تسيطر عليها، وتفرض أجنداتها على المنطقة ككل.
إيران في طريقها للاستسلام، ولكن لن يكون سهلاً، أو بلا ثمن، أو حتى بلا مصالح قد تتنازل عنها مؤقتاً؛ لذا يجب أن يكون التعامل معها في هذه المرحلة أشد حذراً وتيقظاً عن أي مرحلة أخرى، وأن تبادر الدول إلى صناعة الفعل ومواصلة الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري عليها، ولا تبقى رهينة ردود الفعل على سلوكها الإرهابي، وإدانته، أو إثباته، فالمسألة تتعلق باستقرار منطقة لديها استحقاقات مهمة في تحقيق السلم العالمي، وتعزيز شراكاته، وتأمين ملاحته، وتصدير طاقته، وبالتالي لا يمكن أن تستمر إيران بلا مواجهة، وهزيمة أيضاً، إذا أردنا نجاحاً في إغلاق الملفات العالقة منذ زمن.