لم يدر بخلدي ليوم أمس ولم اعلم ماذا تخبي لنا الاقدار ..لقد تعرضت لحادثة ابكتني بكاءا مريرا… ولاشك ان هذه الحادثة ستظل تلازمني وتؤرقني ..في حلي وترحالي طول ماحييت ..خرجت إلى السوق وفي جيبي 2700 ريال ... جمعتها لي أم الحسين تحصيل لمكنة خياطة تملكها زوجتي أم الحسين ..أمتطيت سيارتي وكلي زهو وحمدت الله على العافية وستر الحال… اوقفت سيارتي امام نادي فحمان ..وتوجهت لمقهى احمد ناصر لأحتسي واحد شاي حليب ..وجدت صديقي منصور العلهي ..وتبادلنا وياه اطراف الحديث ..وكلا انصرف منا في اتجاه.
انا وليت وجهي صوب سوق الاعلاف ..واشتريت حزمتين لنعجات ..وفي طريقي وانا محاذي لسوق القات .. حدث مالم يكن لي في الحسبان ..حين رأيت رجل يسحب ولده من يدية والولد متشبث ويبكي ويريد حبه سكريم .. كان الرجل يجر طفله ..ويعنفه وفجأة التفت عليه وصفعه صفعه مدوية تعتعت اسنانه . فهدأت ثورة الغضب عند الطفل ..واذعن ماشيًا خلف والده فهالني ذلك وافزعني .. وتبعتهم كان الرجل يمشي ويلفت يمنة ويسرة نحوى ولده ..فتواروا عني خلف شجرة سيسبان .. فرأيت الرجل قد انهار وصابته نوبه من البكاء والنحيب ..ومنكب يقبل طفله من رأسه حتى اخمص قدمه ..ويقول وهو ينتحب ماشي معي ياسالم ومنين لي ياسالم .
تبين حالتي وانته تعرف ان راتبي موقف ..تشتيني اروح منشان اقتل ..خلاص بكرة باروح ياسالم ..كنت اتخلل الموقف وانظر اليهما من بين اغصان الشجرة ... فأنسابت مدامعي لتلك الحادثة وبكيت بحرقة وألم ..حين رأيت الطفل قد اشفق على والده ويمسح دموعه بمعطفه ..فلم اتمالك اعصابي فقد ظهرت واقبلت عليهم وحينما رأني ابو سالم اشاح بوجهي عني حتى لا ارى دموعه المدراره .
اما انا فلا اجد تحرج في البكاء ابكي فالبكاء يغسل الاثام ويحررنا من عذاب الضمير ..وليس عيبًا في البكاء ولو كان عيبًا لما بكاء حبيبي ونور عيني محمدًا صلوات ربي وسلامه عليه.
سلمت عليهم وانا امسح دموعي بمشدتي وقلت اخباركم يابو سالم ايش جرى؟
قال: "كما ترى الولد يشتي سكريم وانا فوت الفلوس فحردت عليه ولطمته".
قلت: "بسيط يااخي كل واحد يضرب ولده".. كنت اريد ان اهون عليه من مصيبته .. ففتحت كمري ودفعت لسالم ماتبقى معي وقلت لسالم اذهب واشتر لك ماتريد من السكريم… ثم هممت بالانصرف فلاحت مني التفاته نحو جزمات ابو سالم ..المخصوفه .
فقلت: لابو سالم "ياابو سالم معي جزمه في البيت وهذه الجزمه ضيقه علي وتؤلمني في رجلي".. قلتها وانا لاتوجد معي جزمه اخرى فخلعتها امامه وجرني ابو سالم من معوزي بااتجاهه واخذ فردة من الجزمات ووضعها على رأسه. وقال: "الله المستعان انت وجزماتك على عيني ورأسي اعطيتنا فلوسك وذلحين حاذيك وباتروح حافي".
وتذكرت ذات يوما صديقي منصور العلهي عندما اعطاني جزماته ..أي والله وسبحان الله.. ودعت الرجل وانا ابكي وانتحب واجر رجولي وكأني في خوضه من الوحل ..وفي طريقي صادفت ثلاثه شباب خارجين من سوق القات ..
قالوا لي: "استعن بالله ياحاج ولاتبكي فكل نفسًا ذائقة الموت" ..اويت لدار وحينما رأتني ام الحسين شهقت وقالت: "ايش وقع لك ومال صورتك متغيرة ..حد لبجك او حد مات" .. ولولت وهي تقول من مفردات البدو .. "ماجاء لبوي ومعماء عيوني ..ووهابوي" .
قلت" :لا هذا ولا ذاك محد مات" .. فحكيت لها بالحكاية وإذا باأم الحسين تبكي ويسمع لها انين وخنين ..فلما بكت قبلي هيجني البكاء ..وقولوا لها ابكي يامنية النفس والحشاء .
قالت: "هل تعرفه؟ قلت" لا.. فدقت كفيها بكف وقالت يويلاااه ويأسفاااه عليك يابو حسين ديما تعرفت عليه… توضأت وحوقلت ووضعت قدماي على السجادة فأنسابت مدامعي وانا اردد واقول لاحول ولاقوة الا بالله ثم رفعت كفي وناديت ربي قائلا يااارب قلتها وانا اذرف الدموع يارب الناس هانت وذلت.
فسألك يارب ان تهين من كان السبب وتذلهم مثلما ذلوا عبادك.. وإنا لله وإنا اليه راجعون.
وسامحوني..وكل عام وانتم بخير.