التغيير السلمي في اليمن وإيميلات هيلاري.. تهافت التهافت

هذا التهافت لإدانة ثورة فبراير السلمية، بما في ذلك توظيف ما يسمى "ايميلات هيلاري كلينتون"، لا يعني غير شيء واحد وهو أن عملية الانتقام، التي تمت عسكرياً بتلقيم مدافع الانقلاب الفاشي بالكراهية ودانات تدمير حلم اليمنيين بمغادرة مأزق التخلف، إنما يجري تبريرها سياسيا وإعلامياً.. ولكن بطريقة ساذجة.

في اليمن تكونت حالة ثورية، لا تستطيع أمريكا، أو غيرها، أن تخلقها.. بالعكس كان الصمت الذي يبديه العالم، بما فيه أمريكا، تجاه تردي الأوضاع أحد شروط نمو تلك الحالة الثورية التي اتسعت بحجم المعاناة.

وكان لا بد للعالم وأمريكا، أن يمدوا أيدهم بعد ذلك لهذه الحالة الثورية بعد أن أنبتت على الأرض واقعا ومساراً يصعب تجاهله أو الالتفاف عليه.

كانت "فبراير" من أكثر حركات التغيير السلمي فهماً وإدراكًا لحاجة اليمن إلى تفاهمات وطنية لبناء المستقبل، وتمسكت بالحوار الوطني، ولم تدع إلى الشقاق أو الغلبة كبقية التجارب الأخرى. 

صحيح أنها لم تحم بما فيه الكفاية، وتركت مكشوفة تلقاء المغامرين والمنتقمين باعتقاد أن نبالتها هي شرط حمايتها.

 

اليوم، كلما أردنا أن نتجاوز هذه المحطة إلى مواجهة الكارثة التي تتعرض لها البلاد من جراء الانقلاب على التوافق الوطني، أعادنا المحنطون في ماضيهم البائس إلى المربع الذي يهدف إلى مواصلة الانتقام العام بتكريس خيار الحرب والتدمير، والانتقام الفردي باستخدام حملات التشويه وتمويل مواقع إعلامية مشبوهة وممولة من ثروة الشعب المنهوبة، ويتشتت فيه الجهد وتغيب فيه العقبات الرئيسية التي تعترض المسار نحو المستقبل.

 

التخبط في الموروث السياسي الذي انتهت صلاحيته وقاد إلى الخراب لا بد أن تتم مغادرته إذا أردنا الخروج من الكارثة.