عندما تنهار القيم...

افقت باكرا كعادتي واحتسيت كاسا من الشاي يرافقه بضع لقيمات ولملمت اوراقي مسرعا للذهاب الى عملي كي افتتح بوابة الكلية كعادتي ادخل اول الناس واخرج اخرهم ولكن ما يستهويني عادة بل وقد اصبح ادمانا ذلك الهدوء الذي يصنع متعة كبيرة للادباء والهواء العليل الذي استنشقه محملا برائحة اشجار الحديقة الأمر الذي يصنع من الأبكم فصيحا ومن الشويعر شاعرا متميزا اتفقد في هذه اللحظات الصباحية العطرة أنابيب المياه وأضخ الماء على شجيرات الفل والريحان فتنبثق منها تلك الرائحة العطرة التي تمدني بالنشاط والحيوية فيكون يومي جميلا ابدأه مستبقا عمال النظافة أجمع ما استطعت من قنينات الماء الفارغة وكاسات الشاي الكرتونية المرمية على الأرض والتي هي من مخلفات المتدربين في دورات  المساء في هذه الاثناء يبدأ المنظفون  بالتوافد والحضور إلى ساحة المؤسسة التعليمية فينظرون إلي وأنا أجمع القمامة بنشاط فاقرأ من نظراتهم التعجب والاستغراب وكأن لسان حالهم يقول : متى سنسبق هذا الرجل بالحضور والبدء بجمع القمامة؟!!!   واراقب المنظفين فانا ارى  ان ثقافة الشعوب إنما تقاس بنظافتها اراقب حضور الطاقم الاداري والاكاديمي اراقب مايلبسه الطلاب فان كان لايناسب ثقافتنا وديننا الاسلامي اطلب من الطالب العودة للمنزل ولبس مايليق به كطالب.. بعد ان اتفقد تفاصيل التفاصيل في هذه المؤسسة التعليمية  اصعد الى مكتبي كي انظر في البريد اليومي واقضي حوائج كل من يقصدني ولا يوقفني شيئا سوى شعوري بان الجميع قد غادر وانتهى اليوم هذا ديدني اليومي اعلم انني لا اروق للكثيرين بسبب انضباطي ومحاولاتي المستمرة تطبيق النظام والقانون في مؤسسة تعليمية قد نخرها الفساد مثل بقية مؤسسات الدولة في راهننا فقد تأصلت ثقافة في مجتمعنا أن من يعمل باخلاص ويطبق النظام والقانون ويراقب الله في سره وعلانيته يسمونه مزايدا ويصبح غريبا في مجتمعه..   لقد جئت الى هذه المؤسسة التعليمية كي انتشلها من الوحل الذي كادت ان تغرق فيه وعملت ليل نهار لم اخذ يوما اجازة اعمل حتى ساعات الليل عملت على احياء مختبراتها وورشها وترميم دورة مياهها ونظمت اداراتها و زرعت حديقتها بيدي وكنت اجلب لها البذور من مزارع لحج بذلت الغالي والنفيس للرقي بهذا الصرح العلمي الذي اغرقه بعض ضعفاء النفوس بالفساد وكنت يومها أعلم جيدا انني ساصطدم بسيل من الفساد والمفسدين غير انني وضعت لي شعارا(الكلب ينبح والقافلة تسير ) وسرت على هداه وحرمت على نفسي الالتفات للخلف ونظرت قبل ذلك كله لله سبحانه وجعلته الرقيب والنصير فهو المعاقب وهو الممكن ومع ذلك ظل اولئك  الذين لا يملكون قيما اخلاقية ولا مثلا يستندون اليها ولا يؤمنون برقيب أو حسيب يحاولون النيل مني تارة بالوشاية المضللة عند رؤسائي في العمل وتارة  بتحريض الطلاب وايهامهم بأمور لا يصدقها العقل وتارة أخرى بخداع بعض الموظفين البسطاء الذين لايدركون أنهم أداة تستخدم لهدم مؤسستهم ظنا منهم أن اغلاق هذه المؤسسة أو تدميرها سيجعلهم يستلمون  مرتباتهم وهم في منازلهم  .. واقول لهم  انا مازلت اعمل وساظل كذلك  حاملا لواء الحق غير آبه بمكائدكم فعندما تنهار قيم الناس واخلاقها يلجأ الشواذ  إلى هذه الأعمال الدنيئة ويرون فيها  دهاء يجعلهم كبارا ويظلون في مناصبهم يخدعون المجتمع باعمالهم ودسائسهم الرخيصة ..