هل نرتدي الخوذة للحماية من الراجع؟ 

يستمر الرصاص الراجع في حصد أرواح البشر في عدن منذ ما بعد حرب 2015م ويجمع المراقبين المحليين على أن أعداد ضحايا الرصاص الراجع،  اكثر من عدد الشهداء الذين حرروا مدينة عدن وضواحيها، لا توجد احصائية دقيقة عن اعداد الضحايا والمصابين يمكن يستند عليها الباحث والمهتم بهذا الشأن وهذا  يعكس اللامبالاة وغياب المسئولية والاهتمام بهذه المشكلة الخطيرة من قبل الأجهزة المعنية واولها وزارة الداخلية الأمر الذي يثير جملة من التساؤلات وفي مقدمتها هل توصيفها لما يتعرض له الضحايا جريمة أم قضاء وقدر؟ بالأمس سقطت قنبلة في احد شوارع الشيخ عثمان وادت إلى إصابة احدى عشر شخص بينهم نساء واطفال من المارة المتسوقين في شارع الحب،  ورغم حجم الفاجعة إلا ان المواطن لم يلمس اتخاذ اجراء يبدد مخاوفه ويزرع الطمأنينة في حياته وحياة ابناءه،  كما فؤجئنا مساء الجمعة بسقوط الشاب احمد قليقل قتيلا رحمه الله وهو يمشي في طريقه في احد شوارع مدينة عدن الصغرى،  ونشر ناشطين فيديو مأساوي يوثق الجريمة اثناء اختراق  رصاص راجع راسه ادت إلى وفاته،  ما يحدث هو تواصلاً للفوضى وجرائم السلاح التي انتشرت في عدن منذُ ما بعد حرب 2015م ولم تنته مأساتها بعد!  فهل كُتب علينا وعلى أولادنا أن نعيش في خوف مستدام وفي خطر صامت يتهدد حياتنا؟ مؤسف استمرار الوزارة والجهات ذات العلاقة بالتعامل مع ابعاد وخطورة المشكلة بتجاهل وبرود، وإطلاق الوعود العرقوبية بالعقاب واتخاذ اجراءات رادعة ومع ذلك الضجيج لم نسمع القبض على متهم او تقديم متسبب في مقتل احد الضحايا إلى القضاء، رغم الوقفات الاحتجاجية والمبادرات الشعبية المطالبة بإيقاف العبث والاستهتار بأرواح الناس ومنع انتشار الاسلحة في المدينة باعتبارها مصدر الخطر والمشكلة، وكأنها تريد اقناع المواطن الضحية بإنه اعترض طريق الرصاص الراجع،  وهو جزء من المشكلة وما يتعرض له قضاء وقدر. قد يتساءل المتابع لماذا الرصاص الراجع أقل خطورة  في المحافظات الريفية مقارنة بعدن؟ فالسبب يعود لوعي المواطن في الريف وأخلاقه واعترافه السريع ومبادرة المجتمع في تحديد الفاعل،  واتخاذ بحقه العقوبة السريعة والرادعة،  لهذا نستبشر خيرا في تشكيل اللجان المجتمعية في الأحياء السكنية بعدن بالنظر إلى ان أحد اسباب الاختلالات في المنظومة الأمنية المجتمعية هو وجود فجوة واسعة بين الجهاز الأمني الشرطوي والمجتمع المحلي بعدن، مما أنتج فجوة وغياب شبة تام للتعاون والشراكة المجتمعية الأمنية، ونعلق عليها آمالنا بأنها ستحد من انتشار الجريمة وتسرع في كشف مرتكبي الاختلالات الأمنية والجرائم المختلفة، وستوفر المعلومة الصحيحة في وقت قياسي، ولازلنا نأمل ان تسهم بفعالية في معالجة القصور الأمني، وفي تقديري أن مرتكبي جرائم إطلاق  الرصاص في الأعراس وغير الأعراس وانتشار السلاح والبلاطجة والمخدرات ستضعها على المحك لأثبات قدرتها على تحقيق الأمن والاستقرار والقضاء على الظواهر المخلة بالأمن،  إذا طبقت اجراءات عقابية شديدة وتدابير تشجيعية كفرض الغرامات على ان يذهب جزءاً منها للجان المجتمعية تشجيعا لأعمالها بالإضافة إلى إعادة تفعيل العمل بمنح المكافأت المالية مقابل الإبلاغ عن ما يعكر صفو الأمن أو يثير الخطر،  كما كان معمول به في ستينات القرن الماضي. ست سنوات والخوف يلازم حياة المواطن بسبب الرصاص الراجع والشاصات وسرعتها الجنونية وانتشار السلاح والاشتباكات على الاراضي هذه فترة كافية لإيقاظ ضمائر المسئولين لإنهاء هذه المأساة التي جفت الاقلام من الكتابة عنها،  لكن كيف لهم ان  يستشعروا بالخطر وهم يحتمون بسياراتهم المصفحة المضادة للرصاص؟ فليس أمام المواطن مع استمرار الخطر وعدم تبديد مخاوفه إلا التفكير  في خيارات احترازية ووقائية لحماية حياته،  فهل نرتدي خوذة الرأس للحماية من الراجع؟

*صحيفة الأيام