رائد طه .. ما أكثر محبيك هذا المساء. وما أكثر من التفوا حولك اليوم من المسئولين والقيادات ..! ستنهال تعازيهم هنا وهناك. سيقولون المصاب جلل وكبير.. سيذرفون الدموع لكنها دموع التماسيح. و الحقيقة أنهم كاذبون.. تعذبت سنوات طويلة والمك ومرضك عرف به مسئولي الدولة من كبيرهم إلى صغيرهم ولم تتحرك ضمائرهم.. وفي الحقيقة لا ضمائر لهم.. لم يرفع احدهم السماعة حتى للاطمئنان. عانى رائد طه وكان عزيزا عفيفا عظيما حمل المه بين أضلعه ولم يمد يده لأحد .. كتب على صفحته قبل أشهر شاكيا حاله ومعاناته مع مرضه .. فهل استجاب احد؟ كتب انه يذهب مجبرا للعمل لأنه لا يملك مايقيه سؤال الناس فهل التفت أحدا ما .. أبدا.. مشكلة "رائد طه" كانت في المقام الأول "عدنيته".. هذه الهوية التي باتت وبالا على حامليها. العدني الغريب في وطنه.. ولو ان "رائد طه" بدويا من أبين أو شبوة أو ضالعيا أو يافعيا لامتدت الأيادي لنجدته، وبدلا عن علاجه لكان لديه اليوم مؤسسة فنية كبرى . ولكنه كان عدنيا .. المدينة التي لابواكي لأبنائها ، المدينة التي يسير أبنائها اليوم في أزقتها وشوارعها فلا يعرفونها .. المدينة التي ظلمها الجميع وانتهكها الجميع واستباحها الجميع وتنكر الجميع لمظالم ابنائها وحقوقهم . المدينة التي يتقاتل الجميع عليها وينهبون خيراتها ويحملون خيرها إلى قراهم .. المدينة التي يحق للجميع كل شيء فيها إلا أبنائها . لو ان "رائد طه" شرعيا أو انتقاليا لكان اليوم في الرياض أو ابوظبي يتلقى العلاج في مشافيها الفارهة ولكنه كان مواطنا عاديا من الناس واليها .. هذه مشكلته الثانية .. في "عدن" اليوم اشياء كثيرة تستوجب الالتفات اليك ، من اين انت ؟ ماهو انتمائك السياسي ودون ذلك لاقيمة لك .. مات رائد ولسان حاله يقول:"لن ينسانا الله.. قالها ذات يوم سأخبر الله بكل شيء. وهذا المساء سيخبر رائد الله بكل شيء. سيقول له ان ابناء عدن مابين مدينة واخرى. مابين مطار واخر. مابين وجع ومأساة يقفون انتظارا على قارعة الظلم. رائد الشاب الذي دفعته ظروفه للسفر الاف الكيلو مترات في ظل ظروف صحية بالغة السوء لكي يجد الفتات يسند به معيشته البائسة.. مات "رائد" لكن ماذا عن الآلاف من العدانية الذين توزعوا مابين المحافظات اليمنية وخارج البلاد بعد ان ضاقت بهم ظروف المعيشة داخل مدينتهم. شباب عدن يذوون اليوم ظلما وقهرا ومعاناة. القوا نظرة على المغادرين بمطار عدن وانظروا الكم الهائل من شباب عدن الذين اجبروا على المغادرة .. ثمة ماساة تطحن ابناء عدن وغدا لن نجدهم .. حان الوقت ان يرفع ابناء عدن اصواتهم .. العدني البائس التابع الواقف على عتبات المكاتب مادا يده باحثا عن احسان يجب ان يتوقف. العدني الغريب المظلوم المكلوم في مدينته يجب ان يغادر بعيدا .. والقضية ليست قضية رائد وحده .. هي قضية الآلاف من كوادر عدن وشبابها ومبدعيها الذين يعانون الحرمان ويعيشون على الهامش غرباء في مدينتهم ، مبعدون عن جغرافيتهم ، محرمون من خير مدينتهم .. قضية الالاف من ابناء عدن الذين لايجدون مايسدون به رمقهم. العدني الذي بات متهما حتى في لقبه. العدني الذي لابواكي له.. المقهور الباحث عن وطن فلا يجد اللهم انهم مظلومون فأنتصر.. فتحي بن لزرق 24 فبراير 2021