اعلام الانتقالي .. على الطريقة الهندية .

تَشَعْبَطَ مجلس ألأنتقالي بعد انقلابه على حكومة الشرعية أغسطس ٢٠١٩ بمؤسسة ١٤ أكتوبر للصحافة و الطباعة و النشر الرسمية الشهيرة كغنيمة باسم الشرعية الثورية, فلم تقم لها بعد ذلك قائمة, ولا عادت لها روحها المنهكة أصلاً بتركة ثقيلة من الأعباء المالية والركود كجسد كبير وبنية طباعية رغم مؤهلاتها وجاهزيتها لا يساوي مردودها المالي قيمة وقود ماطور تشغيلها بالكهرباء.   أرهق ألأنتقالي أو أزهق ما تبقى للعاملين الرسميين الذين قامت المؤسسة على تضحيات أكتافهم وعرقهم لعقود طويلة, وتَوَّجونها بتحديث المطبعة الأم ومبناها الرئيسي بمليارات الريالات .. كأن لم تكن مع غزوة أغسطس واستنزاف مخزون المطابع من الورق والمواد الطباعية لإنتاج منشورات تنظيمية صفراء هزيلة تسمى مجازاً( صُحُف) وصحافة أو قل لفافة, لا تحتاج لأطنان مرتجعاتها المطاعم والمخابز والبوفيات التي استبدلت بقايا الصحف بالمناديل الورقية وأكياس البلاستيك لتجفيف أيدي الزبائن ولف المأكولات !!.   قديماً كانت أكثر الصحف رداءة وفشلاً عندنا تستعيد بعض قيمتها المالية من بيع المرتجعات عندما يقاطعها القراء.. وكان تعبير(المرتجعات والبواقي هي أبرز إنجاز إعلامي وتوعوي) ليس للسخرية والتندر بل لتخفيف الخسارة الكارثية في إهدار المال العام وخسارة الرأي العام والقطيعة معه أيضاً. لم تشعر قيادة مجلس الأنتقالي بفداحة الخسارتين(إهدار المال العام وقطيعة القراء والرأي العام), فيكفي إبراز صورة رئيسهم القائد لنجاح المتقرصين. * كأنك ما غزيت * قلت لزملائي وأبنائي بعد تركينهم في البيوت واستجلاب ألأنتقالي إلى المؤسسة من اسماهم( شبابه وكوادره): لا بأس ما دام ألأنتقالي استوعب أهمية مؤسسة ١٤ أكتوبر كمدرسة إعلامية رائدة في تدريب الصحافيين والمخرجين, وستكون لديه لبنة شبابية جيدة مؤهلة فنياً خلال أشهر فقط لتحسين شكل وصياغة خطاب المجلس الإعلامي والوصول إلى الناس وإقناعهم, أو امتصاص السخط الشعبي على ممارساته بتحسين صورته!!. وأضفت برومانسية أبوية كمن بلغ مرحلة الحكمة والرجاحة( من حق هؤلاء الشباب الطبيعي المشروع الحصول على فرص تأهيل وتدريب لتحسين قدراتهم ما دامت حقوق العاملين الأساسيين مكفولة). وما هي إلا بضعة أشهر وأيام على انتظار حلم الشباب ألأنتقالي إلا وطاحت مؤسسة ١٤ أكتوبر للصحافة و الطباعة و النشر بالضربة القاضية والسكتة المالية والفنية, فتوقفت مرتبات العاملين بعد إهدار إيرادات الطباعة التجارية وتبديدها بين نهب لا يرحم أو طباعة مجانية لمقربين من أصحاب القضية ودولة النظام والقانون والكمنجة والعود والرباب, وكل ما يشرخ الرأس ويكظم الصدر بأن لا أمل يرجى ممن لا يعرف ماذا يريد.. وبمن.. وكيف.. ومتى .. ففاقد الشيء لا يعطيه.. فلا شبان ألأنتقالي استفادوا ولا غيرهم نجا من الوقعة الإدارية السوداء.   وكنت أعتقد بتفاؤلي بأهل الشؤم أنه من الأشياء السيئة تولد بشارات وضؤ في آخر النفق على حد تعبير أرباب السياسة .. لكن الموضوع كله أوكسجين واختناق سياسي وفكري بثاني أكسيد المليشيات, فأغلقت فتحات النَّفَق من الجهتين, فلا ضؤ ولا هواء!!. وللأسف فالبعض كمثل قوله تعالى : أينما تُوَجِّهُه لا يقدرُ على شيء).. فإدارة مؤسسات الإنتاج من ثقب الفَوْهات يولد الضجيج وتقويض البنيان والطاقات البشرية.   فقيادة مجلس ألأنتقالي الإعلامية والسياسية لم تستفد من كنز وصرح إعلامي كبير ورائد كان بين أيديها بكل مؤهلاته البشرية والتقتية من كوادر ومطابع حديثة, وأرهقت من فيه وأوصلته إلى درجة الأنهيار والأنتحار .. ثم تتربص ثانية وثالثة بنجاحات الآخرين بدلًا من تدارك فشلها. وكأن ألأنتقالي أدرك تماماً بوعي كامل أن إعلامه المدفوع الأجر فقد ثقته بنفسه, ولن تقوم له قائمة إلى يوم الدين, وعليه إعلان الحرب لإسكات أصوات الجميع بسطوته غير الشرعية الطائشة.   * وا هندوساه *   ألهنود حطموا الأصنام مؤخراً في ظاهرة مضحكة لم تكن أضحك منها إن بعض المسلمين قال إنهم فعلوا ذلك بسبب جائحة كورونا, لأنهم اكتشفوا أن الشفاء بيد الله تعالى.. بينما لا علاقة لما حدث بالإيمان والكفر, فقط هستيريا جماعية لتكسير أصنام الجبس والأسمنت.. أِنتقام من الآلهة ألتي تركت أقاربهم يموتون دون دخل للمجسمات والتصاوير بما حدث وليس عودة إلى الله, كفروا بخذلان الآلهة وليس بالوثنية .. تماماً مثلما تعمل قيادات الأنتقالي السياسية والإعلامية الآن من تصدير فشلها بترهيب ومحاولات إغلاق مؤسسات ومنابر الإعلام الأخرى بتعميمات عرجاء من أشخاص وهيئات بلا صفة أو آهلية قانونية ورسمية, وليس بسلطة القانون ولا بالأختصاص ولا بالدوافع والأسباب سوى أنهم خذلوا أنفسهم وفشل خطابهم الإعلامي بوعيهم.. وعلى حد تعبير الشاعر: (( إلى حَتْفها سَعَت حثيثاً بظلفها)).   أصدرت ما تسمى مديرة مكتب إعلام عدن(غير ذات صفة) تعميماً إلى مؤسسات إعلامية مرخص لها رسمياً بعدن بمنع مزاولة النشاط دون ترخيص معتمد من مكتب الإعلام الذي استولى عليه المجلس, وأصدر وزير الإعلام الأستاذ معمر الأرياني تعميماً آخر ببطلان ما صدر عن مديرة مكتب إعلام عدن ((المتشعبطة)).   وبدأت القصة مع تجاوزات محافظ عدن أحمد حامد لملس لحدود صلاحياته القانونية والسطو على صلاحيات وزارة الإعلام وحقها القانوني في تكليف وتعيين موظفي مكاتب الوزارة بعدن وغيرها. تكليف الأملس مديرة لمكتب إعلام عدن لا يختلف عن تطاول قيادات ألأنتقالي في تعيين مديرة لمكتب بريد عدن لعرقلة نشاط مؤسسات الدولة والحكومة رغماً عن أنف النظام والقانون ولوائح المؤسسات والترقيات غير اشتراط الولاء لمجلس الانتقالي. لا يزال موظفوا بريد عدن والبنك الأهلي في حدود صدمة ما حدث من تجريف لأخلاقيات وشروط شغل الوظائف الإدارية العليا, وتذمر يهدد بتمزيق نسيج عمل المؤسسات والولاء لقيم الوظيفة والتخصص والكفاءة والمؤهلات. حتى الإختصاص في منح تراخيص نشاط مؤسسات الإعلام والصحف والمواقع الإليكترونية أو سحبها من الأشخاص ليس من اختصاص مكاتب الإعلام في المحافظات بل ضمن دائرة الصحافة والمطبوعات والإعلام الملحقة بوزارة الإعلام مباشرة .. ولكن المديرة المتعدية على مكتب الإعلام تمادت على سلطات الوزارة التي لم توافق على تكليفها أصلاً حتى الآن, وفتحت على نفسها قضية اعتداء على السلطات وفساد إداري جسيم.   جاء مجلس الأنتقالي إلى أِدارتي الإعلام والثقافة ببوليس قمعي للحريات بمسميات أنثوية وتكليف فتاتين مغمورتين لم يسمع بأسمائهن حتى في بطاقات وإعلانات الأفراح والمتاسبات العامة.   تجاهل ألأنتقالي الفرق بين اختياراته قيادات إدارة سجون وإصلاحيات النساء ومؤسسات إعلام وفكر وثقافة. وفَرْض محافظ عدن( أمين عام مجلس ألأنتقالي السابق) لمدراء إعلام وثقافة هي تعديات صارخة على صلاحيات وسلطات واختصاصات وزارة الإعلام والحكومة, وخرق وفساد دستوري وقانوني وإداري فاضح وإخلال باليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية, وكأن المحافظ لم يتخصص أيضاً في دراسة علوم الإدارة, وأغمض عينيه وبقايا مؤسسات الدولة في عدن والجنوب تذوي وتتشظى وتذبح بسكاكبن من يزعم إنقاذه لمؤسسات الجنوب..    فالأدارة لا تبدأ بتدمير ما هو موجود .. والسياسة كما قال الجاحظ: (حُسْن تدبير شئون الرعية) وليس فن تدمير كل شيء بالغباء والأَذِيَّة !!. والميول العدوانية لا تبني مستقبل بلاد أو قرية, ومحاولة مجلس ألأنتقالي انتشال خطابه الإعلامي من فراغ التخبطات لا يكون بالأعتداء على نجاحات الآخرين بل بتحويل منعطفات الفشل إلى محاولات نجاح .. لعل وعسى, وربما !!.