ننصح دون كلل من خلال موقعنا ومسؤلياتنا الوطنية من ان القراءة الجيوسياسية الخاطئة لما يجري في بلادنا والفهم المغلوط لطبيعة خارطته الوطنية يولد نتائج عكسية غير محسوبة.
فالتكوينات المسلحة المناطقية التي بُنيت خارج هياكل الدولة لأهداف غير سوية أضحت عاملاً رئيسياً لتعطيل كل مساعي بناء المؤسسات والامثلة كثيرة اخرها ماجرى لوكالة الأنباء اليمنيه سبأ والمؤسف طرد موظفيها واعلامييها ذلك ما يوسع فجوة توحيد الصف وادى الى تدهور الحالة الشبه الوفاقية التي سادت في مرحلة محدودة من بداية انقلاب ميليشيا الحوثي إلى فجر عاصفة الحزم وبداية التحرير في 2015 والذي لم يكتمل ، ويظهر جلياً انها غابت حالياً عن وعي المتصدرين للمشهد السياسي لإدراك مخاطر مايحيق ببلادنا والمملكة العربية السعودية الشقيقة بشكل خاص التي نعتبرها الظهر الساند لإنهاء انقلاب أدوات ايران الحوثية .
الا اننا نرى في ذات الوقت ان التدهور الحاصل فيما نشهده سياسياً وجغرافيا واقتصادياً واعلامياً هو نتاج طبيعي لاختلال الشراكة الاستراتيجية بين المكونات المناهضة للتغول الإيراني بصفاتها الرسمية والتنظيمية ولذلك ومن خلال مسؤلياتنا كساسة ونخب يهمنا ما يحدث ويجري في غفلة منا جميعاً إن لم نلتفت سريعاً اليه ونقف وقفة جادة بهدف إصلاحه وهو خلل آخذ في الاتساع لو بقيت رؤوسنا بين كتبان الرمال التي صنعناها بأيدينا أو بقيت عقولنا في اللاوعي ومتعالية على مشاهدة حقيقة ما جرى ويجري من اتساع الفجوة بين أصحاب المشروع الواحد المتصدي للتمدد الإيراني في منطقتنا .
حقيقة مُرة يجب أن نتناولها ونتداولها بعقلية منفتحة بهدف إصلاح الخلل الذي نحاول جميعاً أن نبتعد عن ملامسته بكبر ، خلل عظيم أثر على مسار المعركة سياسياً وعسكريا أجل النصر الحاسم على المليشيات على الارض برغم اهتراء مشروعها وانعدام وطنيته ومايتعرض له من انكسارات شعبية وعسكرية مستمرة على صخرة صمود بلادنا مع ذلك اختل معنى ومسمى تحالف دعم الشرعية لإستعادة الدولة اليمنية وإنهاء الانقلاب، علينا أن نقولها علناً حتى يسمعها الجميع غيرة على مشروعنا الوطني وبلادنا وأمتنا .
فكيف جُرح هذا المسعى المشرع بقرار أممي 2216 قل نظيره وبفعل موحد وتنسيق عالٍ رافقته جهود مضنية على الأرض سطرها المواطنين وتحالفهم العربي بعنفوان وبطولات ومآثر برغم صعوبات جمة إلا أن الجميع كان مندفع لغاية اسمى الدفاع عن الوطن والدين والعرض والأمة ، كل ذلك بداء بالتلاشي ويكاد أن يتبخر إن عجزنا في الفرصة الأخيرة عن تدارك خطورته وخطورة الأجندات الغير وطنية والبعيدة عن الاهدف الوطنية والقومية .
ومن خلال التراخي وعدم الادراك المبكر بتصحيح العلاقة بين الشرعية وتحالف دعمها وبغفلة تغولت تلك الأجندات وأدواتها واضعفت الشرعية الوطنية التي يقودها الرئيس هادي وبالتالي انعكس ذلك فيما حدث وحذرنا منه ان أتى الوقت على محاولات إضعاف شرعية التحالف العربي بقيادة السعودية حيث يكاد أن يجهض مشروع الأمة وامنها القومي في التصدي لمخاطر التمدد الإيراني وغيره من اطماع تتربص بمنطقتنا العربية بالنظر لغياب الفعل العربي وقوته في استيعاب مصالحه الحيوية والحفاظ عليها وتجاوز التحديات التي يواجهها والإستكانة إلى الخلود في الماضي وضياع مقدراتنا في صراعاتنا البينية المفتعلة.
فاليوم على جميع المتصدرين للمشهد السياسي الوطني والقومي دون استثناء ان يتداركوا استشراء داء الاختلالات بعزيمة التصحيح لمساراتها والبدء بإعادة النظر سريعاً في كل خلل نتج عن تلك الاختلالات والأجندات ومعالجة وإصلاح الأليات والادوات التي يمكن أن تكون سبباً لما جرى لضيق أفقها أو قصور نظرتها أو حتى عدم إدراكها لمآلات خطواتهم الكارثية أو حسن النيات في احسن الاحوال وفي اعتقادي ان فخامة الرئيس لازال صاحب الولاية ولديه متسع لإحداث التغيير بما يلبي استعادة المؤسسة والدولة
أدرك أن هناك من سيأخذ ما كتبته بشطط او غضب مع قناعتي ان هناك من العقول المستوعبة المدركة لما تواجهه الأمة لهذا اقولها حقيقة ان المخاطر كبيره والتنازلات والقبول بالابتزاز لن يتوقف وسوف يؤدي لضياع وطن يتحول ليكون بؤرة مشتعلة تشكل خطراً دائم في بلادنا وعلى دول الجوار والمصالح الحيوية للعالم.
ياسين مكاوي مستشار رئيس الجمهورية