يردد الحوثيون في إعلامهم ، وعلى ألسنة كثير من قياداتهم، خطورة الدولة الاتحادية - ذات الأقاليم- وأنها منتج - صهيوإمريكي - !! لتقسيم اليمن ، وتمزيقه ، وتفكيكه- حسب زعمهم - وأنهم لذلك وطنيون وحدويون ! يرفضون مخرجات الحوار الوطني التي نصت عليها معظم القوى السياسية في فريق بناء الدولة . وللوقوف على مغالطات الحوثة ، وتناقضاتهم بين الأمس واليوم ، ومعرفة نواياهم أشير إلى الآتي :-
أولاً :- الرؤية التي قدمها الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني، حول شكل الدولة ، هي مطالبتهم بالدولة الاتحادية، والأقاليم كما في ورقتهم ، في فريق بناء الدولة، بعد أن سردوا حيثيات وضرورة الدولة الاتحادية إذ قالوا : ( وبناء على ما تقدم فإن رأينا بشأن شكل الدولة القادمة يتلخص في الآتي: انشاء دولة مركبة ( اتحادية ) يحدد مؤتمر الحوار تفاصيلها بالتوافق الطوعي) وفي ورقة النظام الاداري أيضاً المقدمة لبناء الدولة باسم انصار الله ( الحوثة ) النص الاتي : ( وانطلاقاً من رأينا في شكل الدولة المؤيد للأخذ بفكرة الدولة الاتحادية .... الخ ) (راجع تقاريق فرق بناء الدولة ) فكيف تحولت فكرة الدولة الاتحادية - بعد انقلابهم وتمردهم - إلى مؤامرة واعتبارها فكرة- صهيو امريكية -لتمزيق اليمن ؟ ! وقد نادوا بها في مؤتمر الحوار الوطني ؟! ووقعوا على ذلك ! بما في ذلك استمرار عضوهم في لجنة الدستور- عبدالرحمن المختار - الذي ظل متمسكاً بالدولة الاتحادية والأقاليم قرابة عشرة أشهر الى آخر يوم من الانتهاء من أعمال لجنة الصياغة !! بل وكانوا من أكثر القوى السياسية تحمساً لفكرة الأقاليم والدولة الاتحادية !
ثانياً :- بواعثهم لتبنى الدولة الاتحادية والأقاليم في مؤتمر الحوار الوطني له عدة أسباب منها :
1- : كانوا يطمعون- قبل سقوط صنعاء- أن تكون الأقاليم وفق تقسيم يتيح لهم بناء دولة طائفية شيعية تابعة لايران في أقصى شمال اليمن بحيث يختصون بإقليم يضم صعدة والجوف وعمران وحجة ليكون مهيئاً للانفصال عن اليمن ومستقلاً بموارده وثرواته وسواحله ومتاخماً للمملكة العربية السعودية للإضرار بالجيران خدمة لإيران !
2- : كانوا يهدفون من طرح فكرة الدولة الاتحادية والاقاليم كسب مكون الحراك الجنوبي المشارك للوقوف معهم ومساندتهم في قضايا صعدة لبقاء الاسلحة الثقيلة بأيديهم وبسط نفوذهم على المحافظة وتأييد رؤيتهم فيها ولذلك لم يقدم الحراك الجنوبي المشارك رؤية حول قضية صعدة واكتفى برؤية الحوثيين فيها !وبالمقابل قدم الحوثة رؤيتهم للقضية الجنوبية قريباً من رؤية الحراك مخادعة على قاعدة : ادعمني وأدعمك ! ثم تبين بعد ذلك لمكون الحراك المشارك ولغالبية أبناء الشعب اليمني خداع الحوثيين وكذبهم بعد غزوهم للجنوب وما ارتكبوه من الجرائم بعد وصولهم إليها وتنصلهم عن الشعارات المخادعة التي كانوا يطلقونها في الحوار الوطني لدغدعة عواطف أبناء المحافظات الجنوبية .
3- : تفكيك مركزية الدولة وخلخلة أركانها واضعافها ليتسنى لهم الانقضاض عليها والتمرد على سلطاتها واحداث شروخ اجتماعية ومناطقية لتوسيع نفوذهم في أجواء الصراع ! ولم يكونوا صادقين في تبني دولة اتحادية عادلة تقوم على تقسيم الثروة والسلطة بين أبناء اليمن وإنما دفعهم إلى ذلك مآرب ونوايا سيئة وكان ما كان بعدها ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
4- :- الحوثيون لايتحركون في نشاطهم إلا وفق خدمة الطائفة ومن يدعمها من ملالي طهران ولايقيمون وزناً للوطن لا في سلمهم وسياساتهم ولا في حربهم وتحركاتهم ولديهم استعداد أن يضحوا بجميع مصالح الشعب وثوابته في خدمة طائفتهم وعنصريتهم ويستثمرون معانات الناس والحاق الضرر بهم لتحقيق أطماعهم .
خلاصة الأمر :
عندما كانت فكرة الدولة الاتحادية ذات الأقاليم تخدم مسارهم وتوجههم وواقعهم طالبوا بها ووقعوا عليها واعتبروها حلّاً ووطنية ! ولمّا تغير الحال- بعد التمرد والانقلاب - اعتبروها خيانة ومؤامرة لتمزيق اليمن ! وبدأوا باختطاف أمين عام الحوار الدكتور أحمد بن مبارك وأقاموا حربهم على هذه الخلفية وسفكوا لأجلها الدماء وهم من روج لها ودعى إليها سلفاً فنقضوا عهودهم ومواثيقهم كالعادة ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ).
*مستشار رئيس الجمهورية