صدق اللحظة والمواقف

مهما حاولنا  أن نبتعد عن الكتابة الساخنة والمثيرة إلا أن الساحة الشعبية والوطنية تهمنا جدا ، ومن المخجل أن نراها يعبث بها البعض ونقف موقف المتفرج العاجز عن عمل شي ، أيا كان الأمر فلابد لنا أن نكون أكثر وعيا وصدقا مع أنفسنا ومع التعامل معها وفي لحظة صدق مع الموقف أو المواقف وماأكثرها تطلبا منا اليوم عن مامضى  فأن كنت صادقا مع نفسك ومع مبادئك فبوسعك أن تحتفظ دائما بهدوئك وثباتك حتى في الوقت الذي يفقد فيه كل من حولك ثباتهم.. طريق الصدق ليس مفروشا بالورود بل بالمواجهات الضارية والتضحيات الجسيمة، فالصدق ليس وحي اللحظة لكنه طريق حياة ، والصادقون وحدهم  هم اللذين يكابدون وعلى ثغورهم تتألق أبتسامات الرضاء والصبر والامل ، فهم يخوضون غمار التحديات والحروب وقلوبهم عامرة بالثقة المطلقة والأكيدة فيما هو أروع وأبقى من أي مصلحة  ومكسب عابر مصداقا لقوله تعالى..[[ قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم]]..

والصادقون  كانوا عبر التاريخ والعصور والأزمنة  هم حملة المشاعل وقادة الفكر ورواد الطريق ، وليست مهمتهم بالضرورة أن يضعوا منهجا قياديا وأنما مهمتهم  في المقام الأول تكمن في قدرتهم على تفجير طاقات البشر وأستنفار قواهم وحشد قدراتهم لتغيير صور الوضع والواقع المتخلف والتحقيق والتحليق الواعي في افاق المستقبل  مهما يتحملون في سبيل ذلك من مشقة وعنت ومهما يقدمون من تضحيات.. 

فالصدق يعني الالتزام.. والنضال من أجل المبدأ يعني القدرة على تحمل التضحية في سبيله ، فالأنسان موقف متصل أو مواقف متواصلة تنبع من فكر وتكوين شخصي واحد ،  لايقدر على متابعة ضريبة المعاناه من أجل المبدأ  غير الذين يقدرون شرف الحياة

وفي سنوات المحن والازمات يغيب الصدق للأسف و تبرز فئة الكاذبين والمنافقين الذين يعيشون  على دماء الفقراء ، ويدوسون بأقدامهم على كل القيم الانسانية  ، فيتاجرون ويتربحون من الأموال التي يشقى بها الفقراء ، ويكونون ثروات هائلة من خلال الاستيلاء على كل مايأتي في طريقهم من حقوق الغير، ونحن نعيش واقعا مريرا ومؤلما..فالمجرمون الحقيقيون الذين استغلوا الحرب القائمة  ليبالغوا في جشعهم وطمعهم ، وبدلا من أن تراقبهم الدولة وتطاردهم غضت الطرف عنهم وتركتهم يعيثون في الارض فسادا، فضاعفوا  من محنة المواطن خاصة ، أن هؤلاء لايبالون بقوانين ولا دين ولا وطن... فمواثيق البشر لايمكن أن تكون سلعة لمثل هؤلاء في أسواق المصالح والرغبات وهنا الفارق الضخم بين قدسية المبادئ والمواقف وأنفلات الشهوات حتى التقسيم الفرويدي للغرائز يخضعها في النهاية لسلطان الارادة ، فمع وجود غريزة البقاء والفناء والتملك ..توجد الارادة الانسانية الحاكمة للغرائز وليست خادمة لها.. 

فهل نستمر..يا جيل اللا معقول والا مفهوم ، أصبح كل منا يضحك على الاخر..يسخر منه....أصبحنا القاتل والمقتول..السارق والمسروق..لم يبقى سوى جنون الرغبة المدمرة..القتال ؟ والموت الصامت لبطئ..تحولنا الى وحوش شرسة في غابة صنعناها بأيدينا يتغذى كل منا  على الاخر في وحشية وشراسة..بلا رحمة أو شفقة.....فيا عصر الالام والاحزان وزمن الحروب والتفتيت _ لماذا وجدنا فيك ..؟!  فمتى ستنقشع عنا الغمة عن بلدي ومدينتي السليبة نهارا جهارا دون رقيب وعتيب

نتمنى أن تتسع قلوبنا لبعض وتنسى الاساءة وتسامح ولاتعاقب وتحنو ولاتبطش..وتقف بجانب المقهور والمظلوم وعلى المغلوب على أمره وتساعد الذي لاسند له ولامعين.. وأن نتمتع في انشطتنا الحياتية واليومية بالقوة والثبات والعزيمة في نصرة الحق وبالمحبة والعطاء  والوفاء والخير وحب الناس... فأن حب العمل والحق والكفاح والتضحية والوفاء وأنكار الذات  صفات يملكها الانسان النقي والراجح والمتواضع الذي يحمل في قلبه مكانا للفقراء والتعساء والمطحونين  ومناصرا للضعفاء متكبرا في مواجهة المتغرطسين المتجبرين

أصدقائي ، هذا قليل من كثير ولا ادعي أني شخص بلا اخطاء ، فأنا ملئ بالعيوب مثل غيري من الناس ولكني أعتز بكوني أنسان...فهل هناك من يماثلني و يؤازرني أم أني أبحث عن سراب؟