اعذرني يارسول الله ، يامن قال فيك الخالق : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ، إذ سمحت لنفسي أن أحاول استعراض النزر اليسير من حياتك ... فمن أنا حتى أكتب شيئا في حياة شخصية بحجم شخصيتك يامحمد !!! وبخاصة بعد أن أسند العزيز العزة إلى نفسه وإليك ومن اتبعك من المؤمنين ، وذلك حين قال : " ... ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون " ، أو أن أتحدث في عظمتك يامحمد ، وقد وصفك العظيم بذلك إذ قال : " وإنك لعلى خلق عظيم " ، ولكن ليس لي ياسيدي يارسول الله إلا أن أخوض في غمار محيطك العظيم لأنني أحد أتباعك والمنتسبين إلى دينك الإسلامي العظيم ، والمعتزين برسالتك التي جابت الآفاق ووضعت الأوتاد الخالدة لكل عمل كبير ولكل منهج قويم ولكل خلق عظيم .... أليس أنت القائل ياسيدي : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ........ ولد سيد الخلق يتيما إذ مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب وهو في بطن أمه آمنة بنت وهب ، أرضعته حليمة السعدية في مضارب بني سعد خارج مكة... عرف بالأمانة والأخلاق الفاضلة من صغره حتى لقبه القوم الأمين ، عمل راعيا للغنم ثم بالتجارة مع إحدى شريفات مكة وتسمى خديجة ، تأثرت الأخيرة بأمانته وصدقه ونزاهته وسمو أخلاقه ، فتزوجته وكانت خير معين له قبل نزول الوحي وبعده ، تحمل كثيرا من الأذى في سبيل الدعوة ، وبقيت قريش تناصبه العداء ولم يدخل الإسلام من مكة إلا القليل من العبيد والمهمشين وبادي الرأي ، غير أن قبائل الأوس والخزرج اليمنية في يثرب تقاطرت إلى رسول الله ذكورا وإناثا ، شيوخا وأطفالا ، سرا وجهرا ثم طلبت منه الهجرة إلى المدينة فقبل . وفي طيبة استقبله الأنصار ، وكانوا له ولأصحابه المأوى والمدد والانتصار ، وفي المقابل لم يكن من محمد إلا أن فتح صدره الكبير فاستوعب أمة بكل متناقضاتها ، ووحد قبائل وأقواما وشعوبا على كلمة سواء مع اختلاف أجناسها وتعدد مشاربها ......لقد جاءت ذكرى مولدك الشريف ياسيدي وحال الأمة لايختلف كثيرا عن حالها يوم ولدت في مكة المكرمة في الثاني عشر من ربيع الأول قبل خمسة عشر قرنا أو ينقص قليلا غير أن الأولين - مع جاهليتهم الجهلاء إلا أنهم كان لديهم شيء من الاعتزاز بأنفسهم ، وكانوا لايفرطون في كل شيء من كرامتهم ، أما أمتك اليوم فقد فرطت في كل عظيم تعبت في غرسه ، وتنازلت عن كل شاهق سهرت من أجل رفعه ... سيدي رسول الله إن أمتك اليوم قد تخلت عن رسالتك وتنكرت لأخلاقك العظيمة ولم تعد تعلم معنى العزة ولاتعرف ماهي الكرامة ، لافرق لديها بين الصدق وبين الكذب ولا مابين الأمانة وبين الخيانة بل لم تعد تفرق بين الشموخ وبين الانبطاح ، لم تعد تنتصر للمستضعفين ولاترفض الركوع للطغاة والطامعين والظالمين إلا من رحم ربي ..... سيدي رسول الله ، لم يعد في أمتك اليوم من يأخذ الجزية من أعداء الله عن يد وهم صاغرون بل أصبح أكثرهم يجمع أموال أمتك نقدا وعينا ثم يقدمونها لأعدائك وأعداء رسالتك لعلهم يرضون عنهم ومع ذلك كله لن ينالوا الرضا ، حقا لقد أصبح كثير من أمتك يناصرون الأعداء ويقتلون الأشقاء ، يحكمون على الضعيف ويتجاوزون عن الشريف ...... الأمر الذي يجعلنا نشك في إيمانهم ، ونظن أنهم قد تنصروا وتهودوا ...... إلا أن من أمتك من بقي على العهد ، مؤمن بسقوط الباطل وإن كثر أتباعه ، وانتصار الحق وإن قل أنصاره ...
هذا هو حالنا يارسول الله ...
2021/10/14 - الساعة 03:53 صباحاً