اللغة العربية وآليات تدريسها..

لعلي وأنا  أدلو  بدلوي في هذا البحر الخضم أجد نفسي حقا أمام بحر عميق تتلاطم أمواجه غضبا على أمة فرطت في هويتها ولسانها وأصبحت تتباهى باللغات الأجنبية وترددها بشيء من العزة والفخر وما علمت أن قوتها وهويتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها إنما تكمن في لسانها العربي المبين .   إن الغرب قد أدرك عظمة اللغة العربية وأهميتها إذ جعلتها منظمة الأمم المتحدة ضمن الست اللغات المعتمدة لديها ، وخصص لها يوم عالمي وهو الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ، وكم نحن بحاجة إلى أن تكون  أيامنا كلها  أعيادا للغة العربية. 

ونود هنا أن نؤكد لأجيالنا أنه لم ترق أمة على وجه البسيطة تحدثت بغير لغتها ، وعلمت أبناءها وبناتها بغير لسانها, وإن كان هناك من المستشرقين والمستغربين من يروج في أوساطنا ؛ أن لغة الضاد لا تستطيع استيعاب المصطلحات الحديثة لبعض الصناعات وهذا ادعاء قد أثبتت الأيام أنه غير صحيح ، واستطاعت مجامع اللغة العربية في القاهرة ودمشق وبغداد في القرن العشرين إنتاج المصطلحات الكافية لاستيعاب تلك الصناعات الغربية الحديثة مع أن تلك المجامع اللغوية لم تفعل التفعيل الكافي ولم تحظ بالدعم الذي يليق بها.  ويجدر بنا أن نشير إلى أن اللغة العربية التي استوعبت النص القرآني المتجدد في نظمه و بيانه ومعانيه والذي يحمل من الدلالات ما تعبر عن الماضي وتؤكد على الحاضر وتستشرف المستقبل غير عاجزة عن استيعاب كل جديد يحدثه البشر . ولعل لغتنا العربية العظيمة قد مرت بحرب ضروس منذ أن اعتنقت القرآن إلى ساعتنا هذه ، ومع ذلك كله استعصت على الأعداء وبقيت تلك اللغة التي لم يستطع أن ينال منها أعداؤها مع توالي تلك الحملات الحاقدة التي لم تتوقف يوما غير أن لغتنا ظلت صامدة ومازالت بخير وكأنها تقول لأبنائها سأبقى أدافع عنكم حتى تستيقظوا من سباتكم وتعلموا أهمية لغتكم .

 إننا ندعو أبناء الأمة إلى اليقظة والحفاظ على لغة الضاد من الاندثار ، فضلا عن أننا  ندعوهم للاعتزاز بهذه اللغة العظيمة التي كرمها الله جل جلاله إذ جعلها لغة أهل الجنة. إن لغتنا العربية الجميلة تحمل من المصطلحات والاشتقاقات والتوسع في الدلالات ما لم تحمله لغة أخرى ولنا في قول السفير الأمريكي في صنعاء قبل حرب 2015م خير مثال وشاهد على عظمة لغتنا إذ قال : ما أعظم لغتكم أيها العرب وما أكثر اشتقاقاتها ودلالاتها فعندما نقول : ثمر ؛  نشتق منها ثمارا وأثمارا واستثمارا ومستثمرا ويستثمر ووو

هل تعلمون أيها الناطقون بلسان الضاد أن اللغات :  كالانجليزية والفرنسية بدأت تنقرض في معاقلها كبريطانيا وفرنسا وأمريكا مع ما تحظى به من دعم ؟ هل تعلمون أن آخر أبحاث جامعة اللغات في لندن قد أثبتت انحدار لغاتهم نحو التآكل والتراجع المخيف وأن اللغة العربية هي الوريث  للغات السامية كلها ؟  هل تعلمون أيها الحاضرون أن بريطانيا وأمريكا قد أصبحت تستخدم اللغة العربية في أرشيفها لأنها اللغة التي لم ولن ينال منها الدهر ؟ هل تعلمون أن آدم عليه السلام هو أول من تحدث بالعربية ؟؟؟؟؟ . في آليات تدريس اللغة العربية والتوصيات :

1. لقد كانت العرب تهتم بتدريس اللغة العربية إذ يرسلون أطفالهم إلى البادية ليتشربوا اللسان العربي المبين ،  من العرب الذين لم تتأثر ألسنتهم  باللحن الذي بدأ ينتشر في الحواضر . 2. في عصر صدر الإسلام كان يرسل الأطفال من سن الثالثة إلى الكتاتيب ليتعلموا القرآن الكريم واللغة العربية والأدب شعره ونثره ، فيبدأ الطفل بحفظ القرآن الكريم في سنيه الأولى فما أن يصبح في السنة  السادسة  من العمر إلا وقد حفظ القرآن الكريم الأمر الذي يمده بمخزون من الكلام العربي الفصيح يصل إلى 77437 كلمة ، وهذا كان في زمن ليس فيه من الغزو الفكري والثقافي واللغوي الممنهج من أعداء الأمة مانشاهده اليوم ماثلا أمام أعيننا . فإذا كان لدى الطفل وعمره ست سنوات هذا المخزون من اللغة العربية الفصيحة فإنه لا ريب سيكون محصنا بأعلى مراتب الفصاحة والبيان . وبهذه الآلية لتعليم اللغة العربية وآدابها سادت اللغة العربية في معظم أرجاء الأرض ، وصنعت حضارة أبهرت الغرب والشرق . 3 . أما اليوم معشر الحاضرين فإن الطفل منذ أن يولد إلى أن يبلغ السابعة من العمر ,  وهو من المنزل إلى الشارع يتلقى االعامية المشوهة , فضلا عن قضائه الساعات الطوال يشاهد وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة وشاشات التلفاز التي تبث  البرامج العامية واللغات الأجنبية . 4 . يلتحق الطفل بالمدرسة عند السابعة من العمر وذاكرته خالية من أي لفظ فصيح ، وعندما يترقى في الصفوف الدراسية فإن حصة الإنشاء لا يدرس فيها شيئا بل يسمح له بالانصراف للعب إلى أن ينتهي وقت الحصة ليعود في الحصة التالية ،  وإذا ماكانت حصة الإنشاء هي الأخيرة في جدول النهار فإنه يسمح له بالانصراف إلى المنزل ،  وإذا ما سألته لماذا عدت اليوم باكرا يا بني ؟  أجاب لأن الحصة الأخيرة تعبير . وما علمنا أيها السادة الكرام أن اللغة هي الإنشاء . 5. فيصبح الطالب فارغا من أي مخزون لغوي فصيح بل هو أفرغ من فؤاد أم موسى . الأمر الذي يجعل الطالب يحمل شهادة البكلاريوس ،  وإذا ما مثل أمامك في أمر ما ، وأمرته أن يكتب طلبا بما يريد ، أجابك : لا استطيع !!!! 6. أين دور البلدية وغيرها من أجهزة الدولة التي تمنح التراخيص وتسمح للتجار بعدم احترام لغتهم العربية كفعلهم في اللوحات التي تحمل أسماء المحلات والأسواق التجارية ؟   7- ولعل الأكثر من هذا فظاعة أنك تجد أساتذة كبارا يلحنون في حديثهم وكتاباتهم إلى درجة يصعب تقبلها ، وإذا ماسألته لماذا تلحن هكذا ؟ أجاب ؛ أنا لست متخصصا في اللغة العربية . وماعلم أنه عربي الهوى والهوية ، ولا أدرك أنه يجب عليه أن يمثل لغته العربية نطقا وكتابة في حله وترحاله !!!!!  8. والأعجب أن تجد بعض الأساتذة من يقول:  كيف  تقام ندوات للغة العربية في كليات تقنية ؟ وماعلموا أن اللغة العربية هي لغتهم ؛ لذلك يجب أن تكون لغة  العلوم كلها لا سيما في الوطن العربي .  فكم أفخر بالدولة السورية التي عربت  العلوم كلها حتى الطبية منها في منشآتها التعليمية والتصنيعية .. 

 ورحم الله حافظ إبراهيم إذ قال على لسان اللغة العربية : رموني بعقم في الشباب وليتني*عقمت فلم أجزع لقول عداتي ولدت ولما لم أجد لعرائسي*رجالا وأكفاء وأدت بناتي وسعت كتاب الله لفظا وغاية*وماضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة*وتنسيق أسماء لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن**فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي أيهجرني قومي عفا الله عنهم*إلى لغة لم تتصل برواة فأما حياة تبعث الميت في البلى*وتنبت في تلك الرموس رفاتي وأما ممات لا قيامة بعده*ممات لعمري لم يقس بممات