الأمل قائم وإن في النفس توجس

    يستوجب على كل وطني أن يفرح عندما يرى شيئا - ولو كان قليلا - من بصيص الضوء ، لاسيما ونحن نعيش في هذه الظلمة الموحشة ؛ من التجهيل - لهذا الشعب المكلوم - والتدمير لبناه التحتية ، والتمزيق لنسيجه الاجتماعي ، ونشر الفوضى والكراهية في أوساطه ، فضلا عن قتله ليل نهار ، تارة بآلات القتل ، وأخرى بالمرض والتجويع ...     وبناء على ذلك ، فإن إعلان تشكيل المجلس الرئاسي والهيئات التابعة ، فضلا عن وصولهم إلى عدن بمعية رئيس مجلس النواب وبعض الأعضاء ، ورئيس مجلس الشورى وبعض الأعضاء ، ورئيس الحكومة والوزراء ، يعطي شيئا من الأمل ، وإن كان في النفس توجس . ألم يقل الشاعر المتشائم ، ابن الرومي ، في رثاء ابنه : بكاؤكما يشفي وإن كان لايجدي ** فجودا فقد أودى نظيركما عندي     لكن يقال : إن الغريق يتمسك بقشة ، ونحن ليس لنا إلا الدعاء لهم بالتوفيق ، خاصة ونحن في هذه الليالي المباركة . أما إذا ماعمدنا إلى تتبع مجالس الحكم الذي شكلها التحالف في كثير من البلدان ، فإننا ربما نصاب بالإحباط ، أو يتملكنا اليأس ؛ لأننا سنجد المجلس العراقي الذي ترأسه بريمر ، قد فشل بعد أن أوصل بلاد الرافدين إلى الهاوية ، ومازالت . كذلك المجلس الليبي ، كلكم يعلم أنه قد فشل ، بل ورث الفشل لكل مجلس يرثه ، مع أن العراق وليبيا لديهما الكثير من الامكانيات الاقتصادية ، التي من شأنها أن توفر  كثيرا من عوامل النجاح . وهناك مجلس آخر ، لقي من الدعم والإسناد ما لم يحصل على شيء منه  مجلسنا  الراهن ، إنه المجلس السوري الذي ترأسه رياض حجاب ، إذ جمع الممولون الفصائل المقاتلة في سوريا ، المتناحرة بالسلاح ، المتناقضة في الفكر ، المتباعدة في الهوية ، المختلفة في التوجهات ، وأقنعوها بالترغيب والترهيب ، والوعود العرقوبية ، والأمنيات السرابية ؛ كي تقبل الانضواء تحت مظلة رياض حجاب ، ولم نلمس من ذلك المجلس إلا اللقاء الأول الذي عقد في الرياض ، وماتخلله من مصافحات ، وتبادل للقبلات ، فضلا عما كان من لقاءات ، مع سيل من القنوات الإخبارية ، والتقاط للصور التذكارية ...     والأمر في هذا الأخير ومجلسنا ، مشتبه ومتشابه ، إن كان من حيث تجميع الفسيفساء ، في قمرية واحدة ، مع تعدد ألوانها ، وأحجامها ، وأشكالها ، أو كان من حيث الأفكار ، والأهداف ، والتوجهات ، والتطلعات ، ومع هذا التقارب والتناسب إلا أننا نسأل الله ، بحق هذا الشهر المبارك ، أن لاتكون النتائج متطابقات ...