حمّل تقرير حقوقي الإعلام اليمني مسؤولية تغذية الصراع الأهلي في البلاد وقال إن "الإعلام اليمني له دور بارز في تغذية الصراع الأهلي، وتأجيج الكراهية" معتبرا أن الآلات الإعلامية للأحزاب مارست التحريض "بشكل سافر لشيطنة خصومها".
وقال التقرير الصادر عن مشروع الحقوق الرقمية لمنظمة سام، أمس السبت، إن "لغة الكراهية ليست وليدة الحرب الراهنة، فهي متجذرة في الوجدان الجمعي، منذ ما قبل الحرب المشهودة، باعتبارها أحد العوامل البنيوية للصراع بين المجموعات، غير أن عواقب خطاب الكراهية وتأثيراته في الوقت الحاضر، أكثر تدميرا وخطورة، من ذي قبل".
وحمل التقرير عنوان "خطاب الكراهية في البيئة الرقمية.. التشخيص والمعالجات"،
وأكد التقرير أن الحرب "ساهمت في خلق مصطلحات ازدرائية جديدة لم تكن مألوفة في السابق، كما أسهمت في إبراز مصطلحات قديمة وعززت من تداولها لدى أطراف الصراع ومشايعيهم (أفراد ومؤسسات إعلامية) الذين يستخدمونها لوصم الآخر بصفات مغرقة في السلبية والعداوة".
وأضاف "أن خطاب الكراهية لعب دورا محوريا في تعميق الانقسام وبروز حالة من التنافر الشديد بين أطراف الصراع في اليمن، علاوة على أنه أفضى إلى ارتكاب أعمال عنف، وفتت النسيج الاجتماعي، كما أسهم في إطالة أمد الحرب".
وتابع "ثمة صلة وثيقة بين خطاب الكراهية الذي يُبث عبر الفضاء الإلكتروني، وبين العنف الذي يمارس في الواقع، ذلك أن كثيرا من السلوكيات العدائية والتصرفات التمييزية التي تستهدف بعض الجماعات/الأفراد، جاءت نتيجة ضغائن وأحقاد متراكمة أُذكيت بفعل خطاب الكراهية" وفقا للتقرير.
وأوضح أن "خطاب الكراهية يمثل تهديدا حقيقيا للتعايش والاستقرار الاجتماعي، وهو ما يحتم على جميع الأطياف مواجهته والتصدي له بكافة السبل، انطلاقا من الرأي القائل: "كلما استطعنا تقويض خطاب الكراهية بالكلمات الودودة والحجج المنطقية وقول الحقيقة، كلما بدأ خطاب الكراهية يفقد قوته".
وبين أن "انتشار خطاب الكراهية عبر الإنترنت واكتسابه الشعبية مع مرور الوقت يمثل مشكلة وتحدٍ، وبالتالي فإن فهم ديناميكية هذا الخطاب ومراقبتها عبر المجتمعات والأنظمة الأساسية المتنوعة على الإنترنت يعد أمرًا أساسيًا لتشكيل استجابات جديدة، حيالها".
وتخاطر وسائل التواصل الاجتماعي بإنشاء تسلسلات هرمية جديدة متجذرة في التناقضات، وغالبًا ما تخلق هذه الوسائل، حالة من العزلة، حيث يتفاعل العديد من المستخدمين في الغالب مع الأشخاص ذوي التفكير المماثل، مما يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب في الروايات والانقسامات المجتمعية، وفقا للتقرير.
واستدل التقرير بآراء صحفيين وإعلاميين بشأن إجراءات الحد من تفشي خطاب الكراهية، وأورد آراء مختصين عن ضرورة وجود مرصد يتخصص برصد كافة أشكال خطاب الكراهية التي تروج له الوسائل التابعة لأطراف النزاع، لضبط الخطاب الإعلامي.
وشدد التقرير "على أهمية إدراج السياسات الإعلامية ضمن أجندة المفاوضات السياسية الجارية في اليمن برعاية دولية، وأن تشمل مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن حث الفرقاء على ترشيد الخطاب الإعلامي كمقدمة لتسويات أعم وأشمل".
وأكد المختصون في التقرير "على أهمية وجود ميثاق شرف لتعزيز صحافة السلام والمساهمة في تخفيف حدة الحرب المشتعلة في البلد، وتبني مبادئ أخلاقية تجرّم خطاب الكراهية، وتتبنى خطابات إيجابية تبحث عن الحلول الممكنة لإحلال السلام بدلًا من الاستمرار في إذكاء الصراع وتأجيج العنف".
وهذا التقرير الخامس الصادر ضمن مشروع الحقوق الرقمية، الذي تنفذه "منظمة سام" بدعم من "منظمة إنترنيوز"، بهدف مناصرة قضايا الحقوق الرقمية لليمنيين، وصولا إلى فضاء رقمي حر وآمن.