بجانب آثار الدمار والدماء التي خلفها تنظيم "داعش" الإرهابي في العديد من الدول العربية وأبرزها سوريا والعراق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقريرا لها بشأن، كيف جنى التنظيم المتطرف ثروة تقدر بنحو 100 مليون دولار من خلال الاستعانة بـ "وسطاء" لبيع العديد من الكنوز وقطع "الآثار المنهوبة" من خلال صفحات و"جروبات مغلقة" عبر موقع "فيسبوك".
نحو 90 "جروب" على موقع "فيسبوك" تضم عشرات الآلاف من الأعضاء المرتبطين والمهتمين بـ"تجارة الآثار" التي نهبها تنظيم "داعش"، الأمر الذي كشفه دكتور عمرو العظم، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والأنثروبولوجيا في جامعة "شاوني ستيت" بولاية أوهايو في حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ــ ونقلته "ديلي ميل" البريطانية.
وأكد "العظم" أن هناك شبكة دولية في الشرق الأوسط تعرض العديد من التحف الأثرية، التي جرى تهريبها من اليمن ومصر وتونس وليبيا ومدينة تدمر العراقية، بجانب العديد من التماثيل الذهبية، والبرديات المكتوبة باللغتين العبرية والآرامية، وعددا من الألواح الطينية، بالإضافة إلى عملات قديمة نادرة مهربة من سوريا لـ"البيع علنا" عن طريق تلك الصفحات "غير المشروعة".
وأضاف أنه بمجرد أن يجذب أحد الوسطاء مشترى "لقطة" تنقل المحادثات العلنية من "الجروب" إلى تطبيق مثل "واتساب"، ما يجعل تتبع "الشاري والمشترى" أمرا في غاية الصعوبة ــ على حد قوله.
وذكرت "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن حجم مكاسب "داعش" من تلك التجارة "غير المشروعة" يقدر بنحو 100 مليون دولار أمريكي.
كما لفت العظم إلى أن التنظيم المتطرف سمح للسكان والناهبين الآخرين بأخذ محتويات من المواقع التراثية، وفرض عليهم ضريبة بقيمة 20% من قيمة عائداتها.
وبحسب ما نقلته "ديلي ميل" البريطانية عن حديث العظم مع الصحيفة الأمريكية، فإنه اتهم إدارة "فيسبوك" بأنها مسؤولة عن انتشار ورواج تلك التجارة، وذلك لأنها لم تستجب للتحذيرات المتعلقة بمبيعات الآثار في وقت مبكر من عام 2014، حين كان من الممكن حذف المجموعات وإيقاف توسعها أو إبطائه على الأقل.
من جانبها أكدت متحدثة باسم "فيسبوك" لـ"ديلي ميل" أنه يوجد فريق إنفاذ لسياسات الموقع يضم 30 ألف عضو، ووظيفتهم تتمحور استخدام أدوات جديدة لاكتشاف المحتويات التي تنتهك القانون أو سياسات "فيسبوك" ويقوموا بإزالتها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والرؤية الحاسوبية، مؤكدة أن إدارة موقع التواصل الاجتماعي حذفت مؤخرا قرابة 49 "جروب" لبيع الآثار بطريقة غير شرعية.
ولفتت "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقريرها إلى أن بعض القطع الأثرية التي بيعت بدون سند لتتبع تاريخ ملكيتها، يحتمل أن تكون مزيفة، ولكن في ظل ارتفاع معدلات سرقة المواقع الأثرية، يعتقد على الأقل أن بعضها يمكن أن يكون "أصلي ونادر".
كما رجحت الصحيفة الأمريكية استمرار ظاهرة بيع "الآثار المنهوبة" على "فيسبوك" خلال الأعوام المقبلة، إذ إن بعض "الوسطاء" الذين يستخدمهم "داعش" لبيع القطع الأثرية يقومون بإخفائها لوقت طويل، حتى يتراجع الاهتمام بها ومن ثم يعودون لعرضها من جديد، وأحياناً يزورون وثائق عن أصل القطع قبل عرضها للبيع.