نجح لقاء جمع ثلاثة جنرالات من المجلس العسكري الانتقالي، بينهم نائب رئيس المجلس الفريق محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، وخمسة ممثلين عن "تحالف الحرية والتغيير" الذي يقود الاحتجاجات، في التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ لاستئناف المحادثات، وذلك بحضور وسطاء من إثيوبيا والاتحاد الإفريقي.
ومن المقرر أن يستكمل المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقادة حركة الاحتجاج، الخميس المفاوضات حول تشكيل هيئة حكم انتقالية، وعودة الطرفين إلى طاولة الحوار بعد توقف استمر شهراً كاملاً عقب سقوط عشرات القتلى خلال فضّ اعتصام للمتظاهرين أمام مقرّ قيادة الجيش في الخرطوم.
وبعد ساعات عدّة من المحادثات بحضور ممثلين عن إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، اتّفق الجانبان على مواصلة المفاوضات الخميس.
وقال وسيط الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ولد لبات للصحافيين إنّ "الطرفين أجريا مفاوضات مسؤولة". وأضاف "تقرّر الإفراج عن جميع السجناء السياسيين وستتواصل المفاوضات غداً".
وقبيل استئناف الحوار أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان "عفواً" عن 235 من متمرّدي "جيش تحرير السودان"، أحد أبرز الفصائل المتمرّدة في دارفور وإحدى قوى تحالف الحرية والتغيير.
ورحّبت واشنطن باستئناف الحوار، مؤكّدة على لسان المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأميركية موغان أورتيغاس أنّ "الوقت حان كي يتوصّل المجلس العسكري الانتقالي إلى اتّفاق مع تحالف الحرية والتغيير".
وأضافت أنّ واشنطن تدعم "مطلب الشعب السوداني تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية".
وكان قادة حركة الاحتجاج وافقوا بشروط على دعوة الوسطاء الأفارقة لاستئناف "التفاوض المباشر" مع المجلس العسكري بشأن نقل السلطة، وذلك بعد تجاذب استمرّ أسابيع عدة صعّد من حدة التوتر في البلاد.
وبلغت الأزمة ذروتها مع التفريق الدامي في الثالث من يونيو لاعتصام المتظاهرين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، الذي أسفر عن عشرات القتلى وأثار موجة تنديد دولية.
وقامت إثيوبيا والاتحاد الإفريقي مؤخراً بوساطة لاستئناف المفاوضات ووضعا خطة انتقالية، ودعا الوسيطان الثلاثاء الماضي الطرفين إلى استئناف المفاوضات بدءا من الأربعاء.
وكان أحد قادة قوى الحرية والتغيير مدني عباس مدني قال بعد اجتماع قادة الحركة الاحتجاجية إنّ الأخيرة "قررت أن تستجيب لدعوة التفاوض المباشر" لكن بشروط.
وأشار مدني إلى أن من "الاشتراطات" التي "وضعناها يجب أن يكون هناك مدى زمني محسوم لعملية التفاوض. نحن اقترحنا 72 ساعة. ليس لدينا ولا لدى الشعب السوداني مساحة للاستمرار في التفاوض اللانهائي".
ويرى متابعون أن اتساع الهوة بين الجانبين دفع تحالف الحرية والتغيير إلى القبول بالمحادثات المباشرة بعد ظهور انقسام حاد داخل صفوفه، وعقب تحرك المجلس العسكري لإجراء حوارات منفصلة مع حركات مسلحة وقوى حزبية متباينة، بما يقلص في النهاية نفوذ التحالف ودخول أطراف بعينها في التفاوض بعيدا عنه بما يؤدي إلى تهميشه.
وسيكون "تحالف الحرية والتغيير" ممثّلاً على الأرجح بسبعة من أصل المدنيين الثمانية، في حين أنّ الشخصية الثامنة سيختارها الطرفان معاً.
ومن المقرر أن يرأس الهيئة الانتقالية أحد العسكريين في النصف الأول من الفترة الانتقالية أي خلال الـ18 شهراً الأولى، على أن يحلّ مكانه أحد المدنيين في النصف الثاني، بحسب الوثيقة.
ورغم التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يقلص من حدة التوتر في البلاد، إلا أن بعض المراقبين يشيرون إلى صعوبة الخروج بنتائج محددة من المفاوضات المباشرة، فلا تزال الهوة بعيدة وبحاجة إلى إرادة وعزيمة أولا، ومع استمرار التوجس الذي يخيم على كل طرف تجاه الآخر سيتعثر الحوار لأن الجانبين لا يريدان تحمل مسؤولية الفشل السياسي.
وكان السبب الرئيسي لتعليق المفاوضات في مايو الماضي، تشكيلة الهيئة الانتقالية إذ إن كلاً من الطرفين يريد ترؤسها.
وجاءت خطوة استئناف المفاوضات بعد بضعة أيام فقط من خروج تظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف في جميع أنحاء البلاد، رغم انتشار أمني كثيف وحجب خدمة الانترنت منذ قرابة شهر، لمطالبة العسكريين بالتخلي عن السلطة.