فارس العدني
من غير المنطقي أن تهبط بشكل يومي طائرات أمميه لإخراج قيادات الحوثيين من صنعاء، في الوقت الذي تمتلك فيه الأمم المتحده ومبعوثها لأدوات ضغط حقيقية لكنه يتجاهل استخدامها. هذه الازدواجية تكشف أن بقاء الحوثي بات بالنسبة للأمم المتحدة عملاً ومصدر تمويل وفرصًا جديدة لفرق عمل المبعوث وموظفيه، أكثر مما هو التزام بإنهاء الحرب وإحلال السلام.
لقد شكل اتفاق ستوكهولم (ديسمبر 2018) محطة فارقة في هذا المسار. الاتفاق الذي نصّ صراحة على انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة وضمان حرية الملاحة، تحوّل في الواقع إلى غطاء مكّن المليشيات من التوسع، وسط صمت مطبق من الأمم المتحدة التي اكتفت بمراقبة الخروقات المتكررة دون أي إجراءات رادعة. النتيجة كانت سيطرة الحوثيين على الموانئ وخنق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، لتصبح المياه الإقليمية رهينة بيد جماعة مسلحة خارجة عن القانون.
الأكثر إثارة للسخرية أن المبعوث الأممي، بدلاً من ممارسة الضغط الجاد، يطالب الحوثيين بالإفراج عن موظفي الأمم المتحدة أنفسهم المحتجزين لديهم! وهو مشهد عبثي يلخص حجم التناقض في الخطاب الأممي: طرف يُعامل كدولة طبيعية رغم أنه يحتجز موظفي المنظمة رهائن، فيما الشعب اليمني يُترك لمصيره تحت الحصار والجوع والانتهاكات.
إن ازدواجية الخطاب الأممي لم تُطل فقط أمد الحرب، بل منحت الحوثيين شرعية مجانية وأدوات قوة على حساب أمن اليمن والمنطقة والممرات البحرية الدولية، في وقت يدفع فيه اليمنيون الثمن الأكبر من دمائهم واستقرارهم ومعيشتهم.