الاتحادنت/متابعات
لم يشهد قطاع النقل الجوي في تاريخه أزمة كالتي شهدها نتيجة تفشي وباء كورونا، فالمحاذير الصحية عطلت حركة السفر العالمي وبالتالي أوقفت شركات الطيران عن العمل وبات مئات آلاف الموظفين عرضة لخسارة وظائفهم.
ووفقاً للاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، قد يصل فقدان الوظائف في الصناعات ذات الصلة بقطاع الطيران بما في ذلك مصنعو الطائرات وصانعو المحركات والمطارات ووكالات السفر إلى 25 مليوناً، كذلك من المتوقع أن تزيد الخسائر في الوظائف المتعلقة بقطاع النقل الجوي لتصل إلى 1.5 مليون وظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي يعدّ أكثر من نصف عدد الوظائف الحالية في المنطقة والبالغة 2.4 مليون وظيفة.
وأكدت مصادر مطلعة أنه تمّ فصل نحو 400 ألف عامل في شركات الطيران أو تمّ منحهم إجازات غير مدفوعة أو تبليغهم بأنهم قد يفقدون وظائفهم بسبب فيروس كورونا، وتوزعوا على الشكل التالي: 130,000 في أميركا الشمالية، 117,050 في أوروبا، و101,675 في آسيا الباسيفيك، و51,500 في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و3400 في أميركا الجنوبية.
شركات الطيران العالمية: صرف ما لا يقل عن 200 ألف موظف
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن عدداً من شركات الطيران العالمية أعلنت عن عمليات فصل وإجازات غير مدفوعة لآلاف الموظفين والعمال ومنها: الخطوط الجوية البريطانية التي تخلت عن 10 آلاف عامل، ودويتشه لوفتهانزا إيه جي عن 12 ألفاً، وطيران الإمارات عن 9 آلاف، وكانتاس إيروايز 6 آلاف، والخطوط الجوية الفرنسية نحو 7 آلاف.
ومن المتوقع وجود المزيد من عمليات التخفيض في الولايات المتحدة بعد رفع الحظر - وهو شرط لإنقاذ الحكومة بقيمة 50 مليار دولار - في نهاية أيلول/ سبتمبر الحالي، حيث حذرت شركة دلتا إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز هولدنجز ومجموعة أميركان إيرلاينز بالفعل نحو 35 ألف موظف من أن وظائفهم في خطر، وقد تصل الخسائر البشرية المجمعة للثلاثي إلى نحو مئة ألف موظف في حلول نهاية العام الحالي.
وقالت هيلين بيكر، العضو المنتدب وكبيرة محللي الأبحاث في شركة كوين للإستثمار، إنه في ضوء "القضايا المستمرة المحيطة بالوباء" من المتوقع أن تستغني شركات الطيران الأميركية هذا العام عن نحو مئتي ألف موظف من إجمالي موظفيها البالغ عددهم 750 ألف موظف، في حين تطالب نقابات الطيران الأميركية الحكومة الفيدرالية بإضافة المزيد من المساعدات إلى حزمة الإنقاذ البالغة 25 مليار دولار التي قدمتها حتى الآن.
تسريح نحو 20 ألف موظف وبالعودة إلى منطقة الشرق الأوسط
كشفت تقارير أن شركات الطيران الخليجية تتجه إلى تسريح الآلاف من موظفيها، وفي حين ليس هناك أرقام دقيقة عن شركات الطيران السعودية فإن "إياتا" توقع أن هناك 287 ألف وظيفة مهددة في القطاع وخسائر بنحو 7.5 مليارات دولار خلال العام الحالي.
أما في الإمارات، فأشارت تقارير أن طيران الإمارات تخطط للاستغناء عن 30 ألف وظيفة، إلا أن الشركة نفت هذه المعلومات، إذ أوضح رئيس الشركة السير تيم كلارك إن الشركة تعتزم إلغاء ما يصل إلى 9 آلاف وظيفة بسبب وباء كورونا.
وقال كلارك إن الشركة سرّحت بالفعل عُشر موظفيها، مضيفاً: "ربما سيتعين علينا التخلي عن عدد قليل آخر، ربما يصل إلى 15 في المئة"، كما ذكرت تقارير صحفية أن شركة فلاي دبي مددت لأجل غير مسمى فترة خفض رواتب الموظفين ومنحت عشرات الطيارين إجازة من دون أجر لمدة سنة في ظل تزايد تأثيرات انتشار كورونا على أعمال الشركة.
وقالت متحدثة باسم فلاي دبي إن بعض الموظفين عُرض عليهم الحصول على إجازة من دون أجر وإنه لم يتم تسريح موظفين، بحسب "رويترز".
من جهته، قال الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر إنه ربما يتم تسريح ما لا يقل عن 20 في المئة من موظفي المجموعة، وتستخدم الشركة 46,684 موظف حول العالم، وعليه، فإنها في صدد تسريح نحو 9 آلاف موظف.
وكانت الاتحاد للطيران قد كشفت عن استغنائها عن 1200 موظف من مجموع موظفيها البالغ عددهم 20,530 موظف، وسرحت شركة العربية للطيران ومقرّها الشارقة، 57 موظفاً في أيار/ مايو الماضي والتي يعمل نحو 2000 موظف بها.
"الكويتية": تسريح 1500 موظف ... و"الجزيرة" تنهي خدمات 37% من موظفيها وكشفت الخطوط الجوية الكويتية عن الاستغناء عن نحو 1500 موظف من غير الكويتيين، من العاملين في مختلف القطاعات، وذلك ضمن خطة شاملة لتدارك الآثار الاقتصادية لازمة فيروس كورونا المستجد، وتأثيرها السلبي على تشغيلها التجاري، ويبلغ إجمالي عدد موظفي الشركة ستة آلاف موظف.
وفي السياق نفسه، أعلنت طيران الجزيرة الكويتية أنها قادرة على الصمود لنحو 27 شهراً مقبلة في ظل أزمة فيروس كورونا الحالية، بالاعتماد على الاحتياطات المالية الموجودة لديها.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة مروان بودي، إن المركز المالي لطيران الجزيرة "قوي"، مشيراً إلى أن لدى الشركة احتياطات نقدية قدرها 30 مليون دينار، أي ما يعادل 96.95 مليون دولار، وأضاف بودي أن طيران الجزيرة أنهت خدمات 320 موظفاً يشكلون نحو 37 في المئة من موظفيها بسبب أزمة كورونا.
المغرب العربي: كورونا يعيد هيكلة الشركات وتواجه الخطوط الملكية المغربية أزمة اقتصادية خانقة إثر جائحة فيروس كورونا، أجبرتها على انتهاج أكبر خطة تقشفية في تاريخها لمواجهة شبح الإفلاس، وتضمنت خطة الشركة مجموعة من التدابير، أبرزها تسريح المئات من بينهم 95 طياراً.
وفي مرحلة ثانية، لجأت الشركة في نهاية آب/أغسطس الماضي إلى "التسريح الاقتصادي"، الذي يسمح به القانون المغربي بالنسبة إلى الأعمال التي تراجع رقم معاملاتها إلى النصف.
وأوضح المصدر أن الشركة "خسرت 98 في المئة من رقم معاملاتها، وبالتالي فقد تمكنت من الحصول على إذن من السلطات لتسريح دفعة جديدة من المستخدمين، مكونة من 140 مستخدماً، من بينهم 65 طياراً، كما أكد أن الخطوط المغربية "مضطرة للتخلي مستقبلاً عن المزيد من مستخدميها مع ضمان حقوقهم كاملة، وفق ما ينص عليه القانون".
وأكد الرئيس المدير العام للخطوط التونسية إلياس المنكبي، في الجلسة العامة العادية للشركة، على ضرورة تسريح 4800 موظف من الشركة لاستعادة توازنها على المدى القصير، وأوضح أن استعادة توازن الشركة يتطلب عدم تجاوز عدد الموظفين في الشركة لـ 3000 موظف خصوصاً أن كتلة أجور الـ 7800 موظف الذين يعملون حالياً في الخطوط التونسية غير قابلة للتحكم.
وتكبّدت شركة الخطوط الجويّة التونسية خسائر تجاوزت 142 مليون دولار بسبب جائحة كورونا وسط توقعات أن تستمر تداعيات الأزمة إلى سنة 2023.
وأفاد وزير المال الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن بأن إلغاء الرحلات الجوية بسبب جائحة فيروس كورونا كلف شركة الخطوط الجوية الجزائرية، المملوكة للدولة، خسائر بنحو 130 مليون دولار، ودفعت جائحة كورونا تسريع اتخاذ الحكومة الجزائرية قرارات مهمة منها إعداد مخطط لتسريح عدد كبير من موظفي الخطوط الجوية الجزائرية بعد أن باتت تشكل كتلة الأجور فيها عبئاً كبيراً على ميزانية الشركة، وسيكون الموظفون في شركة الخطوط الجوية الجزائرية في مهب جائحة "كورونا" من جهة وإعادة هيكلة الشركة من جهة أخرى تماشياً مع الظروف الراهنة ، ليكون التسريح هو الحل الوحيد و الناجع لإنقاذ الشركة من الإفلاس الذي يتهددها بسبب شلل النقل الجوي واندثار السياحة وتقلص العمليات إلى حدود غير مربحة أفقدت الشركة جدوى التشغيل.
مصر للطيران: مواجهة الأزمة بتخفيض أجور الوظائف القيادية
قررت الشركة القابضة لمصر للطيران تخفيض نسبة 10 في المئة من أجور الوظائف القيادية العليا من بينهم رؤساء مجالس إدارات الشركات ونوابهم والمستشارون ورؤساء القطاعات وأفراد الطاقم.
وقال رئيس الشركة الطيار رشدي زكريا في رسالة إلى العاملين إنه سيتم أيضاً تطبيق سياسة تخفيض المصاريف كافة سواء التشغيلية أو الإدارية بقطاعات الشركة كافة على أن يتم تنفيذ ما ورد أعلاه اعتباراً من شهر أيار/مايو الماضي، لافتاً النظر إلى أنه ستتم إعادة النظر في هذه القرارات تبعاً لتحسن ظروف التشغيل وعبور هذه المحنة، مشدداً على الحرص في جميع الخطوات على عدم اتخاذ أي قرارات تمس العاملين وحقوقهم المادية من منطلق البعد الاجتماعي ومراعاة للظروف المعيشية وتقديراً لهم فهم عماد الشركة التي لا يمكن الاستغناء عنهم قائلاً "ولكن للأسف الشديد الوضع أصبح حرجاً جداً بخاصة أنه لا يوجد موعد محدد لتجاوز العالم لهذه الأزمة".
طيران الشرق الأوسط: نجاح السياسة المحافظة
أما بالنسبة إلى شركة "طيران الشرق الأوسط" فأكد رئيس الشركة محمد الحوت، أن مخزون الشركة المالي سيضمن تأمين رواتب وأجور العاملين في الشركة من طيارين وموظفين، كما يحول دون إقدامنا على صرف أي موظف بخلاف ما أقدمت عليه شركات الطيران العالمية، مشيراً إلى أن مسؤولية الشركة تكمن في المحافظة على الموظفين البالغ عددهم 5900 موظف وعامل، وقدرت خسائر الميدل إيست بـ 35 مليون دولار شهرياً بسبب إقفال المطار في آذار/مارس الماضي.
مما لا شك فيه أن جائحة كورونا عصفت بقطاع الطيران بطريقة غير مسبوقة، ولكنها كشفت بعد الثغرات في كيفية إدارة هذه الشركات ولا سيما من ناحية التوسع في شراء وضم شركات أخرى أو التوسع غير المدروس في شراء الطائرات وزيادة الوجهات وبالتالي الفائض في القوى العاملة، وعلى الرغم من النمو غير الحقيقي الذي كانت تشهده حركة الطيران حول العالم إلا أن "كورونا" أتت لتثبت أن السياسات المحافظة في إدارة قطاع الطيران كانت الناجية لعدد قليل من الشركات.