ﻳﻘﺎﻝ إن ﺷﺎﻋﺮﺍ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﺎﻣﻪ، ﻭﺩﺧﻞ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ، ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻫﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻟﺠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ رأى ﺍﻣﺮﺍﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻓﺄﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺰﻭﺝ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﻪ، ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮﻝ:
ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﻐﺎﺭ ﻣِﻨّﺎ
ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫ ﻧﻈﺮﻧﺎ
ﻫﻲ ﻧﻈﺮﺓٌ ﺗُﻨﺴِﻲ ﺍﻟﻮَﻗﺎﺭَ
ﻭﺗُﺴﻌِﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺡَ ﺍﻟﻤُﻌﻨَّﻰ
ﺩﻧﻴﺎﻱ ﺃﻧﺖِ ﻭﻓﺮﺣﺘﻲ
ﻭﻣُﻨَﻰ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩِ ﺇﺫﺍ ﺗَﻤﻨَّﻰ
ﺃﻧﺖِ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀُ ﺑَﺪَﺕ ﻟﻨﺎ
ﻭ ﺍﺳﺘﻌﺼﻤﺖ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪِ ﻋﻨَّﺎ
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺎ سمع ﻫﺬﻩ ﺍﻸﺑﻴﺎﺕ ﻭﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ، وقالوا ﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﻳﺪﻌﻰ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ ﻭﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ. قال: ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ؛ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻋﺎﻗﻞ ... !!!
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻲ ﻟﻨﺪﻥ ﻟﻠﻌﻼﺝ، ﺃﻋﺠﺐ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ، ﻭﺃﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ، ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻲ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺲ ﻧﻈﺎﺭﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻓﻔﻌﻠﺖ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎَّﻉ ﻭﺃﻧﺸﺪ :
ﻭ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻤﺪ ﻻ ﺗُﺨﺸَﻰ ﻣﻀﺎﺭﺑُﻪ
ﻭﺳﻴﻒ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗـُﺮﺟﻢ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻠﻤﻤﻤﺮﺿﺔ ﺑﻜﺖ ...!!!
ﻭﺻُﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ...!!! ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ؛ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ، ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ: ﺇﻥ ﺣﻈﻲ ﻛﺪﻗﻴﻖ ﻓﻮﻕ ﺷﻮﻙ ﻧﺜﺮﻭﻩ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﺤﻔﺎﺓ ﻳﻮﻡ ﺭﻳﺢ ﺍﺟﻤﻌﻮﻩ ﻋﻈﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﺗﺮﻛﻮﻩ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﻘﺎﻩ ﺭﺑﻲ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘﻢ ﺗﺴﻌﺪﻭﻩ