اكتشف علماء الفلك نوعا جديدا من "النجوم الغريبة'' مغطاة برماد حرق الهيليوم، والتي يقولون إنها تشكلت على الأرجح بسبب حدث اندماج نجمي نادر. وصادف فريق الخبراء الألماني ،خلال البحث عن "النجوم الساخنة" باستخدام التلسكوب ذي العدسات الكبيرة في ولاية أريزونا، نجمين لهما نفس الخصائص غير العادية. وتسمى هذه النجوم PG1654 + 322 وPG1528 + 025، وهي داخل مجرتنا، إلا أنها في مكان ما بين 10 آلاف و25 ألف سنة ضوئية من الأرض. وبينما تتكون أسطح النجوم العادية من الهيدروجين والهيليوم، فإن هذه النجوم المكتشفة حديثا مغطاة بكميات كبيرة من الكربون والأكسجين، المنتج الثانوي للانصهار النووي للهيليوم. وأفاد علماء الفلك بوجود "وفرة عالية بشكل مذهل'' من كل من الكربون والأكسجين، حيث يمثل كل منهما نحو 20% من تكوين السطح لكلا النجمين. وعادة ما تكون النجوم التي يغطيها هذا القدر من الكربون والأكسجين انتهت من تفاعلات الاندماج النووي التي تحدث في لبها. ومع ذلك، تشير درجات حرارة وأقطار النجمين المكتشفين حديثًا إلى أن نوى الهيليوم تستمر في الاندماج بداخلهما، وهو اكتشاف غير مسبوق. ويُعتقد أن هذا النوع الجديد من النجوم قد تشّكل من اندماج اثنين من الأقزام البيضاء، وهي البقايا الساخنة والكثيفة للنجوم الميتة منذ زمن طويل. وأجرى فريق من علماء الفلك بقيادة البروفيسور كلاوس فيرنر من جامعة توبنغن، هذا الاكتشاف، ونُشرت تفاصيله في ورقة بحثية جديدة في Monthly Notices of the Royal Astronomical Society. وأوضح البروفيسور فيرنر: "نتوقع عادة أن تكون النجوم ذات التركيب الكيميائي السطحي للنجوم، التي وقع اكتشافها، قد أكملت اندماج الهيليوم في مراكزها وأن تكون في المراحل النهائية لتصبح أقزاما بيضاء. وتمثل هذه النجوم الجديدة تحديا خطيرا لفهمنا لتطور النجوم". وبحسب فريق البحث، يعد الكربون والأكسجين طبيعيين في النجوم القديمة التي تدمج الهيليوم، ولكن فقط في قلبها. لذلك من غير المعتاد رؤيتها بكميات كبيرة على سطحها. ولفهم أهمية الاكتشاف، يجب فهم عملية "احتراق الهليوم" التي تحدث في النجوم. ويشير مصطلح "احتراق الهيليوم" إلى الاندماج النووي للهيليوم في الكربون والأكسجين. ويحدث هذا بمجرد أن تصبح النجوم قديمة واستهلكت بالفعل كل الهيدروجين الموجود في قلبها. وتبدأ دورة الحياة النموذجية لنجم مثل شمسنا بالاندماج النووي للهيدروجين في الهيليوم. ثم، داخل النجم، يبدأ تفاعل نووي يحول الهيليوم إلى كربون وأكسجين. و"يموت" النجم على مدى ملايين السنين ويتقلص إلى "قزم أبيض"، نجم صغير كثيف جدا بحجم كوكب. ويُعتقد أن النجوم المغطاة بالكربون والأكسجين بدلا من الهيدروجين ناتجة عن الاستئناف المتفجر لانصهار الهيليوم، والذي ينقل بعد ذلك الرماد المحترق، الكربون والأكسجين، إلى السطح. وأشار البروفيسور فيرنر: "مع ذلك، لا يمكن لهذا الحدث أن يفسر اكتشاف هذه النجوم حديثا. لديها أنصاف أقطار أكبر وتقوم بدمج الهيليوم بسلام في مراكزها". وتوفر ورقة بحثية ثانية لعلماء الفلك في جامعة لا بلاتا في الأرجنتين، نُشرت أيضا في الإخطارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية، تفسيرا محتملا لتكوين هذه النجوم غير النمطية. ويشرح ميلر برتولامي، المؤلف الأول لهذه الورقة البحثية الثانية: "نعتقد أن النجوم التي اكتشفها زملاؤنا الألمان تشكلت من خلال نوع نادر جدا من الاندماج بين قزمين أبيضين". ومن المعروف أن الاندماجات النجمية تحدث بين الأقزام البيضاء في أنظمة ثنائية قريبة بسبب تقلص المدار الناجم عن انبعاث موجات الجاذبية. وقال برتولامي: "عادة، لا تؤدي عمليات اندماج الأقزام البيضاء إلى تكوين نجوم غنية بالكربون والأكسجين. لكننا نعتقد أنه بالنسبة للأنظمة الثنائية التي تتكون من كتل محددة جدا، قد يتم تعطيل قزم أبيض غني بالكربون والأكسجين وينتهي به الأمر فوق قزم غني بالهيليوم، ما يؤدي إلى تكوين هذه النجوم". وحاليا، لا يمكن للنماذج التطورية النجمية أن تشرح بشكل كامل النجوم المكتشفة حديثا، لذلك يحتاج الفريق إلى نماذج محسّنة من أجل تقييم ما إذا كانت هذه الاندماجات يمكن أن تحدث بالفعل. ولا يمكن لهذه النماذج أن تساعد الفريق على فهم هذه النجوم بشكل أفضل فحسب، بل يمكنها أيضا توفير نظرة أعمق للتطور المتأخر للأنظمة الثنائية، وكيف تتبادل نجومها الكتلة أثناء تطورها. حتى يطور علماء الفلك نماذج أكثر دقة لتطور النجوم الثنائية، سيكون أصل النجوم المغطاة بالهيليوم موضوعا للنقاش المستمر.
المصدر: ديلي ميل