السعودية ومكافحة الفساد

   منذُ تولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهامه، أطلقت المملكة العربية السعودية حملة شاملة لمكافحة الفساد، بهدف تعزيز التنمية المستدامة وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. وقد أسفرت هذه الجهود عن تحقيق نتائج ملموسة كان لها أثر بالغ على الاقتصاد الوطني وتعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين في مؤسسات الدولة. _إنجازات بارزة في مكافحة الفساد. خلال الفترة من 2017 إلى 2020، نجحت هذه الحملة في استرداد 247 مليار ريال سعودي عبر تسويات مع المتورطين في قضايا الفساد، وهو ما يمثل نحو 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية للدولة خلال تلك الفترة.

    كما أسهمت هذه الجهود في تقليص الهدر في الميزانية العامة للدولة بنسبة 15% سنويًا، مما أدى إلى توجيه الموارد المالية نحو مشاريع تنموية تدعم رؤية المملكة 2030.

    وفي إطار تعزيز هذه المساعي، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في 31 يناير 2025، أمرًا ملكياً بالموافقة على قواعد إجراء التسويات المالية مع مرتكبي جرائم الفساد، بهدف استعادة الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة الناجزة في القضايا المالية.

   لقد شهدت المملكة تحولات إيجابية في الوعي المجتمعي، فلم تقتصر جهود مكافحة الفساد على الجانب المالي فحسب، بل انعكست أيضا على تعزيز ثقة المواطنين ورفع مستوى الوعي بأهمية الشفافية والمساءلة.   

   ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك: ارتفاع ثقة المواطنين في جهود مكافحة الفساد، زيادة نسبة السعوديين الذين يؤمنون بجدية الحكومة في محاربة الفساد المالي والإداري من 56% في عام 2016 إلى 71% في عامي 2021 و2022،

  كما أن تراجع تصور انتشار الفساد انخفضت نسبة المواطنين الذين يرون أن الفساد المالي والإداري منتشر بدرجة كبيرة أو متوسطة من 60% في عام 2016 إلى 23% في عامي 2021 و2022.

  كذلك تحسـن ترتيب المملكة في مؤشر مدركات الفساد؛ حيث تقدمت السعودية إلى المركز 51 عالميًا من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2019، ما يعكس التحسن المستمر في بيئة الحوكمة والشفافية. 

   أدى زيادة وعي المواطنين واستعدادهم للإبلاغ عن الفساد إلى ارتفاع عدد البلاغات الواردة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) ليصل إلى 18.9 ألف بلاغ في عام 2023، كان 58% منها متعلقا بالرشوة، مما يدل على تنامي الوعي المجتمعي تجاه الإبلاغ عن المخالفات.

    ساهمت هذه الإصلاحات في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد السعودي، مما أدى إلى خلق بيئة استثمارية أكثر أمانًا وشفافية، كما ساعدت هذه الجهود على دفع عجلة التنمية المستدامة، من خلال تقليل الممارسات غير القانونية التي كانت تؤثر سلبا على كفاءة الأداء الحكومي والاقتصادي.

   باستمرار هذه الجهود، فإن المملكة تواصل بناء مستقبل أكثر شفافية وعدالة لمواطنيها، مما يرسّخ مكانتها كدولة أنموذجية في مكافحة الفساد وترسيخ قيم الحوكمة الرشيدة.

    ختاماً تؤكد هذه الإنجازات أن مكافحة الفساد لم يعد مجرد شعارات، بل أصبحت نهجا استراتيجياً يهدف إلى تعزيز النزاهة، وتحقيق العدالة، وتمكين التنمية الاقتصادية المستدامة.