قال تعالى ﴿.... إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ﴾ هذه الآية تشير إلى ان سنة الله في التغيير لحال الناس، فعندما يكونون على طاعة وتحولوا منها إلى المعصية فانه يغير حالهم من العافية والنعمة إلى ضدها، وعندما يكونون على معصية وتحولوا منها إلى الطاعة، فانه يغير حالهم إلى الرحمة والنعمة فقد روي انه قد أوحي إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل ان قل لقومك انه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله، فيتحولون منها إلى معصية الله إلا تحول لهم مما يحبون إلى ما يكرهون مصداقا لقوله تعالى) إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وروي عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في حديث قدسي قال الرب: وعزتي وجلالي وإرتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على ما كرهت من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي.
هاتان الروايتان تقضيان بان الجزاء من جنس العمل فما(جزاء الإحسان إلا الإحسان) (وما جزاء السيئة إلا مثلها) فأنظر أخي أي تغيير يناسبك وأي حال تريد أن يحولك الله عليه فلعلك تكون في عافية ونعمة وأنت على طاعة وخير، فإياك ان تتغير فإن التغير عن هذه الحال تغيير إلى ما تكره، ولعلك تكون في عافية ونعمة وأنت على معصية فاحذر ان تبقى على هذه الحال فأنت في حاجة شديدة إلى التغيير فأنه خير لك واعلم ان ما انت فيه من نعيم إنما هو من الإستدراج وأن في تغيرك بشرى عظيمة لك فإن الله يحول ما أنت موأخذ عليه من المعاصي بالعذاب والعقاب إلى ما تحبه من السعادة والرحمة، واعلم ان الله تعالى كان يحذرك من الغرور عندما قال:( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وزاد في تحذيره لك عندما قال: في نهاية الآية (ومالهم من وال) أي مالهم من ملجإ يلجأون إليه، فلا تحسبن وجودك أيها العاصي والفاسد والناهب والمنافق والعائب في موقع ومركز تتطاول فيه على الناس وتنال منهم ماتريد لا تحسبن هذا خير لك بل هو شر عليك وأحذر من الإستقواء على الناس بالمال اول بأي سند باطل فإنه لن يمنع عنك الحساب والعقاب أكان هذا الحساب دنيويا أم أخرويا، وعليك الإعتبار بما مضى وعدم الإستسلام للشيطان والهوى.