الخارجية ليست إرثًا عائليًا… بل حق وطني مشترك

فارس العدني

 

من اللافت، بل والمثير للدهشة، أن يتداول البعض توصيف “فلان من أبناء الخارجية”، وكأن هذه الوزارة السيادية تحولت إلى كيان عائلي، يُورَّث كما تُورَّث الأرض والممتلكات! وكأن مجرد كون أحد الوالدين شغل منصبًا دبلوماسيًا، يمنح ذريته حقًا حصريًا في الانتساب إلى الوزارة دون سواهم من أبناء هذا الوطن.

 

هذا المنطق، بكل صراحة، هو منطق أعوج وإقصائي، يُقصي الكفاءات، ويعزز الطبقية الإدارية، ويحول المؤسسات العامة إلى ملكيات خاصة. والحقيقة أن كثيرًا ممن يُطلق عليهم هذا الوصف، هم أبناء نفوذ لا أبناء مؤسسة، استفاد آباؤهم من مناصبهم، فمكّنوا أبناءهم لاحقًا من الالتحاق بالوزارة بنفس الامتياز، في دورة لا تنتهي من التوريث الوظيفي المغلف بمسميات “أبناء الدبلوماسية”.

 

لكن الحقيقة الأهم، أن الخارجية – كغيرها من مؤسسات الدولة – ملك للشعب، ولها شروط واضحة في التوظيف والالتحاق بها، قائمة على الكفاءة والمؤهل والخبرة، وليس على صلة القرابة والانتماء العائلي. ومن هذا المنطلق، يجب أن تُفتح أبواب هذه الوزارة أمام الجميع، دون محاباة ولا وراثة.

 

وإذا كان هناك من يرى ضرورة في استمرار تمثيل من يسمّون “أبناء الخارجية”، فليكن ذلك عبر الكفاءة، لا الحصرية. بل يجب أن يكون تمثيلهم محدودًا، مقابل فتح المجال واسعًا أمام الآخرين، ليأخذوا فرصهم المشروعة مثلما أخذها أولئك في بداياتهم.

 

الخارجية واجهة الدولة، ويجب أن تعكس تنوعها، لا أن تعيد إنتاج ذات الأسر والوجوه تحت مسميات واهية